عنوان الفتوى : شرح حديث "من رآني في المنام..."
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. من رآني فقد رآني ومن رآني فسيراني..ما معنى الشطر الأول من الحديث هل صورته التي كان بها في الحياة الدنيا أو على أي هيئة المهم أنك تدري أنك ترى الرسول صلى الله عليه وسلم، وما معنى الشطر الثاني من الحديث... فسيراني ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت عدة أحاديث في باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم، من ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من رأني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي.
وفي المتفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتخيل بي.
في البخاري من حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رآني فقد رأى الحق.
وذكر الحافظ في الفتح أن الحديث قد روي بثلاثة ألفاظ: فسيراني في اليقظة، فكأنما رآني في اليقظة، فقد رآني في اليقظة، وذكر أن أكثر الروايات كالثالثة إلا قوله في اليقظة. وبعد تفصيل طويل للحافظ -يراجع في موطنه من الفتح- خلص إلى أن لأهل العلم في المسألة ستة أقوال:
أحدهما: أنه على التشبيه والتمثيل، ودل عليه قوله في الرواية الأخرى "فكأنما رآني في اليقظة".
ثانيها: أن معناها: سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو التعبير.
ثالثها: أنه خاص بأهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه.
رابعها: أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكنه ذلك، وهذا من أبعد المحامل كما قال الحافظ.
خامسها: أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصيته لا مطلق من يراه حينئذ ممن لم يره في المنام.
سادسها: أنه يراه في الدنيا حقيقة ويخاطبه.
قال القرطبي: منكراً على من قال بالقول السادس: وهذا قول يدرك فساده بأوائل العقول، ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه رائيان في آن واحد في مكانين، وأن يحيا الآن، ويخرج من قبره، ويمشي في الأسواق، ويخاطب الناس ويخاطبوه، ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده، فلا يبقى في قبره منه شيء، فيزار مجرد القبر، ويسلم على غائب، لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره. وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل. انتهى
والله أعلم.