عنوان الفتوى : كيفية التوبة من إفشاء سر الغير الذي طلب عدم نشره
أخطأت في حق صديقة لي أعطتني تسجيلا لخطبتها وقالت لي: لا تريه لأحد غير أمك، ثم امسحيه، فأعطيته لإحدى صديقاتي وقلت لها سامحيني مع العلم أنني لن أعود ـ إن شاء الله ـ لهذا، فهل أعترف بهذا الذنب لها وأدعو الله لها في ظهر الغيب، وأنا لا أريد أن أقول لها انظري ماذا فعلت؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إفشاء السر منهي عنه، لما فيه من الخيانة للأمانة، وإذا كان إفشاء سر صديقتك يترتب عليه ضرر بها فهو محرم لما فيه من الخيانة والظلم لها، قال الغزالي في الإحياء: وإفشاء السر خيانة وهو حرام إذا كان فيه إضرار، ولؤم إن لم يكن فيه إضرار. انتهى.
وقال صاحب الإنصاف: قال في أسباب الهداية: يحرم إفشاء السر.
وقال في الرعاية: يحرم إفشاء السر المضر. انتهى.
وقال الماوردي في أدب الدنيا: إظهار الرجل سر غيره أقبح من إظهار سر نفسه، لأنه يبوء بإحدى وصمتين الخيانة إن كان مؤتمنا والنميمة إن كان مستخبرا، فأما الضرر فيما استويا فيه أو تفاضلا، فكلاهما مذموم، وهو فيهما ملوم. انتهى.
واذا كان لا يترتب عليه ضرر أو كان في إفشاء السر مصلحة راجحة فلا حرج في إفشاء السر، كما نقله ابن حجر عن القرطبي في شرحه للحديث النبوي الذي رواه الشيخان في إفشاء بلال سراً للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث طلبت منه امرأة ابن مسعود وامرأة من الأنصار أن يسأل لهما النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء وأن لا يخبره بأنهما صاحبتا السؤال، فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً أخبره.
وأما عن الاعتراف لصديقتك: فإن كان بإمكانك مصارحتها بذلك وطلب الصفح منها فافعلي، إلا إذا علمت أن ذلك قد يؤدي إلى مفسدة، فلا تصارحيها بذلك، ولكن اطلبي منها الصفح على العموم، وتحججي بأن الإنسان من الصعب عليه القيام بحق الصحبة كاملاً، أو كلاما نحو هذا، فإن رضيت فاحمدي الله تعالى، وإلا فاستغفري الله تعالى لها لعل الله تعالى يرضيها عنك ويعفو عنك بسبب ذلك.
والله أعلم.