عنوان الفتوى: هل جاء في السنة ما يشير إلى وجود دولة " أمريكا " ؟
هل السنة النبوية ذكرت أو ألمحت إلى وجود الدولة التي تعرف ب"أمريكا" في آخر الزمان إطلاقا ؟ وهل الحديث الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستصالحون الروم صلحا آمنا، فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم ، فتنصرون وتغنمون وتسلمون ، ثم ترجعون ، حتى تنزلوا بمرج ذي تلول ، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب ، فيقول: غلب الصليب ، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه ، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة فيثور المسلمون إلى أسلحتهم ، فيقتتلون فيكرم الله تلك العصابة بالشهادة " مقصود به دولة "أمريكا" بعبارة "عدوا من ورائكم" المذكورة فيه ؟
الحمد لله
أولا :
يولع كثير من الناس بالاجتهاد والتأويل لنصوص الشريعة الواردة في الفتن والملاحم
وأخبار آخر الزمان ، فيوقعونها على أقوام مخصوصين ، وفي أزمنة معينة ، أو بلاد
معينة ، ويكيفونها تكييفا بمحض اجتهاداتهم ، وأكثر هذا يكون من قبيل الظن الكاذب
والاجتهاد الخاطئ .
فليحذر المسلم أن يؤول حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم باجتهاده وظنه ، فيقع في
الكذب عليه ، وتلك من الموبقات ، ويكفيه أن يروي الحديث كما جاء بنصه ، ويذكر كلام
أهل العلم فيه ، ويتورع عما سوى ذلك من الاجتهادات والتأويلات والآراء التي لا دليل
عليها .
ثانيا :
روى أبو داود (4292) ، وابن ماجة (4089) عَنْ ذِي مِخْبَرٍ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا
آمِنًا، فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ ، فَتُنْصَرُونَ،
وَتَغْنَمُونَ ، وَتَسْلَمُونَ ، ثُمَّ تَرْجِعُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي
تُلُولٍ ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ ،
فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ،
فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ ، وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَةِ ،
وَيَثُورُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أَسْلِحَتِهِمْ ، فَيَقْتَتِلُونَ، فَيُكْرِمُ
اللَّهُ تِلْكَ الْعِصَابَةَ بِالشَّهَادَةِ ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود "
.
وهذا أمر يكون في آخر الزمان
، وأخبار آخر الزمان من الغيب الذي يطلع الله رسله على ما شاء منه ، وقد أخبرنا
رسولنا صلى الله عليه وسلم ببعض ما يكون فيه من الملاحم والفتن ، وهذا منها ،
والواجب علينا الإيمان به ، وبما جاء فيه ، دون إفراط في فهمه ، وشطط في تأويله ،
فنقر به على وجهه ، ولا نُعمل عقولنا واجتهاداتنا وتصوراتنا إلى حد الشطط .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ
وَرَائِكُمْ ) :
قال السندي رحمه الله في حاشيته على ابن ماجة (2/ 520):
" أَيْ: عَدُوًّا آخَرَ بِالْمُشَارَكَةِ وَالِاجْتِمَاعِ ، بِسَبَبِ الصُّلْحِ
الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ، أَوْ أَنْتُمْ تَغْزُونَ عَدُوَّكُمْ وَهُمْ
يَغْزُونَ عَدُوَّهُمْ بِالِانْفِرَادِ " انتهى .
ولم يبين النبي صلى الله
عليه وسلم من هم هؤلاء العدو ، وإنما قال ( عدوا من ورائكم ) هكذا بالتنكير ، وما
جاء منكّرا فإنه يبقى على حاله من التنكير حتى يأتي تأويله .
والقول بأن هذا العدو هو " أمريكا " قول لا دليل عليه ، ولم يقله أحد من أهل العلم
، ممن شهد أمريكا ، أصلا ، فلا تعويل عليه .
لكن يكفي أن نعرف أن "أمريكا" : من جملة الروم ، كما أن أوروبا كذلك ؛ لكن من
المقصود بالحديث ، ومن سيكون منهم في آخر الزمان ، في وقت الملحمة ؟
هذا أمر لم يبين لنا ، ولا علم عند الناس به ، ومن العلم : أن يقول الرجل لما لا
يعلم ؛ لا أعلم .
وينظر للفائدة جواب السؤال
رقم : (128682) .
والله تعالى أعلم .
أسئلة متعلقة أخري |
---|
هل جاء في السنة ما يشير إلى وجود دولة " أمريكا " ؟ |