عنوان الفتوى : أجّر طابقا من عمارته لمركز إسلامي فأقاموا فيه صلاة الجمعة وتسببوا في الإضرار به

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أملك عمارة تجارية مكونة من أربعة طوابق ، وقد قمت مؤخراً بتأجير الطوابق الأولى كمكاتب لأشخاص غير مسلمين ، وبعد ذلك بفترة طلب مني أحد الأشخاص المعروفين هنا تأجيره الطابق الثالث ليكون مركزاً إسلامياً ، وقد أخبرني أنه سيستخدم المكان لصلاة الظهر والعصر والمغرب من قبل الموظفين في المركز مما جعلني سعيداً ، ولذلك قمت بتأجيره المكان ، وبعد مدة أقنعني بالسماح له بإقامة صلاة التراويح في المكان ، فوافقت وأنا سعيدٌ بذلك ، وبعد مدة من الزمن طلب مني السماح له بإقامة صلاة الجمعة في المركز ووافقت بعد أن أقنعني على مضض ؛ لعلمي بأنّ ازدحام المكان سيزعج المستأجرين الآخرين ، وهو ما حصل لاحقاً حيث أصبح المكان مزدحماً لدرجة أنه أصبحت تقام صلاة الجمعة مرتين ، بالإضافة إلى أنّ الأحذية أصبحت تملأ المكان والدرج والطريق ، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يقفون في الخارج ، وقد أدى ذلك إلى عدم تأجير الطابق الرابع وإلى تضايق المستأجرين الآخرين ، وبالرغم من طلبي المتكرر لصاحب المركز أن يعمل على تنظيم المكان ، والحرص على عدم إزعاج الآخرين ، لكنه لم يتخذ أي إجراءات بهذا الخصوص فالمكان صغير ، وأنا أريد أن أطلب منهم إخلاء المكان ، ولكنني أخشى الله ؛ لأن المكان يستخدم كمركز إسلامي ، لذا أرجو منكم النصح والتوجيه حول كيفية التعامل مع هذه المسألة ، وكيف يمكن للمركز أن يستمر بالعمل دون أن يؤثر ذلك على المستأجرين الآخرين فهذا العقار هو مصدر دخلي الوحيد .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
أولا : نهنئك على هذا الشعور الإيماني الذي تمتلكه .
وهنا نصيحتان :
الأولى : للإخوة الكرام القائمين على هذا المركز الإسلامي .
هذا التصرف منهم لا يصح ويجب عليهم أن ينصفوا مالك العمارة للآتي :
1- من القواعد العظيمة في شريعتنا الإسلامية : أن الضرر يزال .
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ ) رواه الحاكم ، وقال صحيح الإسناد على شرط مسلم ، ورواه ابن ماجه (2340) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
ومعنى الحديث : " أي : لا يضرّ الرجل أخاه ابتداء ولا جزاء " انتهى من " المغرب في ترتيب المعرب " (2/8) .

ومن الضرر الذي يجب إزالته ، إلحاق مفسدة بالغير من غير حق .
وإقامة صلاة الجمعة بالطريقة التي ذكرها السائل قد تؤدي إلى تعطيل مكاتبه المؤجرة وإلحاق الضرر بمعيشته وبمن يعول .

2- عن أبي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ ، عن عمه رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه الإمام أحمد في مسنده (20172) ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (5/279) .
وقد اعتبر أهل العلم أن أخذ مال الإنسان بسيف الحياء ، هو أكل لماله بغير طيب نفس منه ، ويعتبر نوعا من الغصب .
جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 18 / 263 ) :
" صرّح الشّافعيّة والحنابلة أنّه‏ :‏ إذا أخذ مال غيره بالحياء ، كأن يسأل غيره مالاً في ملأ فدفعه إليه بباعث الحياء فقط ، أو أهدي إليه حياءً هديّةً يعلم المهدى له ‏:‏ أنّ المهدي أهدى إليه حياءً لم يملكه ، ولا يحلّ له التّصرّف فيه ... فللمأخوذ بالحياء حكم المغصوب ، وعلى الآخذ ردّه ، أو التّعويض عنه‏ " انتهى . ‏

وصاحب العقار ليس راضياً ولا موافقا على تعطيلهم الممرات والمداخل المعدة لمرور الناس واستعمالها كمكان للأحذية ، ويمنعه من منعهم الحياء ، واستشعار الحرج من أجل المركز الإسلامي والصلاة .
فعلى الإخوة المسؤولين عن ذلك المركز أن يتنبهوا إلى هذا ، وأن يتقوا الله في صاحب العقار .

ثانيا :
أما النصيحة لصاحب العقار .
فعليك أن تفي بالالتزام الذي بينك وبينهم بالنسبة لعمل المركز الذي تم التعاقد عليه إلى انتهاء المدة المتفق عليها .

وأما صلاة الجمعة فهي لم تكن ضمن محتوى عقد الإيجار فليس واجبا عليك أن تأذن بها ، لكننا لا ننصحك أبدا بإلغائها ، بل ننصحك بالتفاهم معهم حتى يتم تجنب المشكلات التي ذكرتها ، وعليكم جميعا أن تراعوا أنكم في بلاد غير إسلامية ، فاحرصوا على عدم أذية الناس وإزعاجهم حتى تعطوا صورة حسنة للأخلاق الإسلامية ، مما ييسر لكم دعوة الناس إلى الله ، فعليكم بالتعاون على البر والتقوى بدلا من أن يؤدي هذا التصرف إلى صد الناس عن الاستفادة من هذا المركز الإسلامي أو يقع ضرر على صاحب العقار وسائر المستأجرين .

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم وأن يوفقكم لكل خير .

والله أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...