عنوان الفتوى : هل يوجد أحاديث من المتفق عليه انتقد في متنه؟
أخبر شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن الأحاديث المتفق عليها صحيحة لا ريب فيها، فهل هذا يعني أنه لا يوجد حديث متفق عليه انتقد متنه، وإنما يكون الانتقاد في السند؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف ـ بعد ما تيسر من البحث ـ لشيخ الإسلام على كلام بمعنى ما ذكرت، بل الذي وقفنا عليه من كلام ابن تيمية: أن أكثر الأحاديث الواردة في الصحيحين مقطوع بصحتها إما لتواترها، وإما لتلقي الأمة لها بالقبول، وقد تكرر تقريره لهذا المعنى جاء في مجموع الفتاوى: أكثر متون الصحيحين مما يعلم علماء الحديث علما قطعيا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله: تارة لتواتره عندهم، وتارة لتلقي الأمة له بالقبول.
وفيها أيضا: أكثر متون الصحيحين معلومة متقنة تلقاها أهل العلم بالحديث بالقبول والتصديق وأجمعوا على صحتها وإجماعهم معصوم من الخطأ. انتهى.
وعلى كل، فإن ما اتفق على إخراجه الشيخان ـ البخاري ومسلم ـ يعد في أعلى درجات الصحيح، ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، جاء في الديباج المذهب: وأعلى أقسام الصحيح ما اتفقا عليه، ثم انفرد به البخاري، ثم انفرد به مسلم، ثم ما كان على شرطهما وإن لم يخرجاه، ثم ما كان على شرط البخاري، ثم ما كان على شرط مسلم، ثم ما صححه غيرهما. انتهى.
فأحاديث الصحيحين وخاصة ما اتفق عليه صحيحة كلها أسانيد ومتونا، ولا يقدح في هذا بعض الأحرف اليسيرة التي انتقدها عليهما بعض الأئمة، والصواب في عامتها مع الشيخين، قال الشوكاني رحمه الله: ولا حاجة لنا في الكلام على رجال إسناده ـ يعني حديث: من عادى لي وليا ـ فقد أجمع أهل هذا الشأن أن أحاديث الصحيحين أو أحدهما كلها من المعلوم صدقه، المتلقى بالقبول، المجمع على ثبوته، وعند هذه الإجماعات تندفع كل شبهة ويزول كل تشكيك، وقد دفع أكابر الأئمة من تعرض للكلام على شيء مما فيهما وردوه أبلغ رد وبينوا صحته أكمل بيان، فالكلام على إسناده بعد هذا لا يأتي بفائدة يعتد بها، فكل رواته قد جاوزوا القنطرة وارتفع عنهم القيل والقال وصاروا أكبر من أن يتكلم فيهم بكلام أو يتناولهم طعن طاعن أو توهين موهن. انتهى.
فما في الصحيحين وبخاصة المتفق عليه من أسانيد ومتون عامته صحيح متلقى بالقبول.
والله أعلم.