عنوان الفتوى : زوجته تسبُّه وتضربُه وتطلب منه الخلع وهو لا يريد فراقها !!

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

زوجتي تسيء معاملتي كثيرا ، ترفع صوتها علي ، تشتمني ، مرات تضربني ، الغريب في الأمر أنها تقول : إنها تحبني . طلبت مني الخلع ؛ لأنها قرأت فتوى تقول : إن للمرأة أن تطلب الخلع ، إن خشيت ألا تؤدي واجباتها تجاه زوجها، هي تقول : إنها لا تستطيع احترامي ، ولا طاعتي . لكن أليس الزواج ميثاقا غليظا ؟ أين الصبر؟ أبهذه السهولة تنسحب الزوجة من عشرة سبع سنوات ؟ ماذا أفعل الآن وقد تقدمت في العمرأبحث عن أخرى مع صعوبة الأمر؟ ألا ترون أن هنالك تسهيل في الفتوى ، لأن الزواج مبني على الصبر ، بهذا ستطلب الكثير من الزوجات الخلع .

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق


الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها من غير سبب معتبر شرعا ، فقد أخرج أبو داود (2226) ، والترمذي (1187) ، وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ : فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وأيضا لا يجوز لها طلب الخلع من زوجها دون سبب معتبر شرعا ، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إن المختلعات هن المنافقات ) رواه الطبراني في " الكبير "(17/339) ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " برقم (1934) .
ويجوز للمرأة أن تطلب الطلاق أو الخلع من زوجها إن وجد سبب شرعي يدعو إلى ذلك ، وقد سبق بيان ذلك وتفصيله في الفتوى رقم : (117185) .
وأنت أيها السائل الكريم : تذكُر أن زوجتك لا تعرف لك حقا ، ولا تؤدي إليك واجبا ، بل تسيء معاملتك ، ولا تحترم قوامتك ، وتسبُّك ، وتعتدي عليك بالضرب ؛ فما الذي يحملك على الاستمرار معها في هذه الحياة ، وما الذي يجعلك حريصا على مثل هذه ، وقد تعدت عليك ، ولم تعرف لك حقك ، ولا قامت بواجبك ؟!
وما قالته زوجك من جواز طلب الزوجة للخلع إذا كرهت زوجها ، وخافت ألا تقيم حدود الله معه : كلام صحيح ، دل عليه القرآن الكريم والسنة المطهرة ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (26247) .
فإذا عرضت المرأة على زوجها الخلع ورفض الزوج ، فقد اختلف الفقهاء في مشروعية إلزام الزوج بمخالعتها ، وقد ذهب فريق من أهل العلم إلى إرغام الزوج على مخالعتها حينئذ ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (152402) .
وأما قولك إن الزواج مبني على الصبر والتحمل والتغافل ، فهذا ـ أيضا ـ صحيح لا شك فيه ، لكن فيما إذا اتفق عليه الزوجان ، وهذا ما لم يتوافر في ظروفك ، فإن زوجتك قد نفرت من الحياة معك ، وكرهت صحبتك ، وتقول : إنها لا تستطيع أن تقيم حدود الله معك ، وأنت أيضا قد تضررت من نشوزها وتأذيت من تطاولها ، فكلاكما ضائق صدره بصاحبه وكاره لتصرفاته ، فأي مصلحة لكما بعد ذلك في بقاء هذا الزواج ، وهل استمرار الحياة الزوجية حينئذ إلا نوع من أنواع التعذيب وضرب من ضروب الحرج الذي جاءت الشريعة المطهرة برفعه بالطلاق أو الخلع .
والنصيحة لك في هذا المقام أن تقف مع زوجتك وقفة أخيرها تعظها فيها بالله تعالى ، وتذكرها بعقابه سبحانه ، ثم بحقوقك عليها ، وأن هذه الحقوق واجبة عليها بموجب عقد الزواج الذي رضيت به ووافقت عليه بمحض إرادتها ، فإن استجابت لك في ذلك فبها ونعمت ، وإن لم تستجب فلا تتردد حينئذ في تطليقها أو مخالعتها .
ولتعلم أن الله عز وجل ، فرجه قريب ، وفضله واسع ، وقد قال الله تعالى : ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) النساء/130 ، وقال تعالى : ( إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) الأنفال/70 ، وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/2-3 .
يسر الله لك أمرك ، وكشف همك ، ورزقك من حيث لا تحتسب .
والله أعلم .