عنوان الفتوى : شهادة الأب والإخوة على عقد النكاح , وحكم اشتراط الولي على الزوج عدم الدخول حتى يتم توثيق العقد
عقدت على مخطوبتي والحمد لله ، ووجدت كل الشروط من إيجاب وقبول وشاهدين ومهر .. سؤالي : هل أبي وأخي يعتبران من الشهود ؟ وما حكم قول والد المخطوبة : أعطيتك ابنتي إلي حين الدخول عليها ؟ وقصد بذلك عدم البناء حتى يعلن الزواج ، ويتم التوثيق (العقد المدني) ؟
الحمد لله
أولا:
اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في شهادة الأب على عقد نكاح ابنه, والراجح من
أقوالهم جواز شهادته وصحة النكاح بهذه الشهادة كما سبق بيانه في الفتوى رقم :
(40290). .
وشهادة الأخ على عقد نكاح أخيه - أيضا - جائزة ، قياسا على شهادة الأب , بل هو أولى
بالجواز من الأب , وقد حكى بعض أهل العلم الإجماع على أن شهادة الأخ لأخيه جائزة
مطلقا ، وإن كان في حكاية هذا الإجماع نظر .
جاء في " المغني " لابن قدامة (10 / 175): " قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَع
أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْأَخِ لِأَخِيهِ جَائِزَةٌ. رُوِيَ هَذَا
عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ،
وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ " انتهى.
وفي " المجموع شرح المهذب " (20 / 251): " " واتفقوا على قبول شهادة الأخ لأخيه
وسائر الأقارب" انتهى.
وفي " الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع " (2 / 622): " عُلم من كَلَام المُصَنّف : أَن
مَا عدا الأَصْل وَالْفرع من حَوَاشِي النّسَب: تقبل شَهَادَة بَعضهم لبَعض ،
فَتقبل شَهَادَة الْأَخ لِأَخِيهِ ؛ وَهُوَ كَذَلِك " انتهى.
وفي " المحيط البرهاني في الفقه النعماني " (8 / 325) " : " وشهادة الأخ لأخيه
مقبولة، والأصل قوله تعالى: واستشهدوا شهيدين من رجالكم (البقرة: 282) ، من غير فصل
بين القريب والأجنبي، فهو على الكل ، إلا ما صار مخصوصاً عنه، ولما خص عنه شهادة
الوالد والمولودين بالإجماع، وتخصيص الوالدين والمولودين لا يوجب تخصيص الأخ
والأخت" انتهى.
ونص فقهاء المالكية على قبول شهادة الأخ لأخيه في باب النكاح .
جاء في " شرح مختصر خليل للخرشي " (7 / 180): " " وَظَاهِرُ كَلَامِهِ : جَوَازُ
شَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ ، كَانَ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ أَمْ لَا ، يَكْتَسِبُ
بِشَهَادَتِهِ لِأَخِيهِ شَرَفًا أَوْ جَاهًا أَمْ لَا , يَدْفَعُ عَنْهُ بِهَا
مَعَرَّةً أَمْ لَا ... وَقَوْلُهُ: يَكْتَسِبُ بِشَهَادَتِهِ لِأَخِيهِ شَرَفًا
أَوْ جَاهًا : كَشَهَادَتِهِ لَهُ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ
بِنِكَاحِهَا شَرَفٌ أَوْ جَاهٌ لِكَوْنِهَا مِنْ ذَوِي الْقَدْرِ " انتهى.
فإذا كانت هذه أقوال الفقهاء في قبول الشهادة للأخ في الحقوق الخالصة له ، ففي
النكاح أوْلى ؛ لأن النكاح لم يتمحَّض حقا للأخ (الزوج) ؛ بل هو له وعليه .
جاء في " الشرح الممتع على زاد المستقنع " (12 / 100): " " هذا النكاح هل هو
للإنسان أو على الإنسان؟ الجواب: له ، وعليه ؛ فإذا قبلتم شهادة العدو ، مع أنها لم
تتمحض له ولا عليه، فاقبلوا شهادة القريب ؛ لأنها لم تتمحض له ولا عليه، فالنكاح في
الحقيقة ليس حقاً للزوج أو الزوجة، ولا حقاً عليه، بل هو له وعليه؛ لأنه يوجب
حقوقاً للعاقد ، وحقوقاً عليه " انتهى.
ثانيا:
أما اشتراط ولي الزوجة على الزوج عدم الجماع حتى يتم الدخول ، ويوثق العقد : فهو
شرط صحيح ، جائز ؛ ويلزم الزوج الوفاء بهذا الشرط ؛ لما روى البخاري ( 2721 ) ،
ومسلم ( 1418 ) عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَحَقُّ
الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) .
وقد سبق الحديث عن هذه المسألة في الفتوى رقم : (178630)
.
والله أعلم .