عنوان الفتوى : حديث : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِي ، وَأَنْتَ تَهْدِينِي ، وَأَنْتَ تُطْعِمُنِي ، وَأَنْتَ تَسْقِينِي ... )

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

من فضلك ما هي صحة هذا الحديث : روى سمرة بن جندب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من قال إذا أصبح وإذا أمسى سبع مرات : اللهمَّ أنت خلقتني ، وأنت تهديني ، وأنت تطعمُني وتسقيني ، وأنت تميتني وأنت تحييني ؛ وأنت على كل شيء قدير ، لم يسألْ شيئًا إلا أعطاه اللهُ إياه ) ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق


الحمد لله
هذا الحديث رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1028) فقال :
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَكْرِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ قَالَ: نَا أَبُو رَوْحٍ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ : أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُه مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا ، وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ مِرَارًا ، وَمِنْ عُمَرَ مِرَارًا ؟ قُلْتُ : بَلَى قَالَ: ( مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِي، وَأَنْتَ تَهْدِينِي ، وَأَنْتَ تُطْعِمُنِي ، وَأَنْتَ تَسْقِينِي ، وَأَنْتَ تُمِيتُنِي ، وَأَنْتَ تُحْيِينِي ، لَمْ يَسْأَلْ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ) ، قَالَ: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ ، فَقُلْتُ: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعَتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ مِرَارًا ، وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ مِرَارًا ، وَمِنْ عُمَرَ مِرَارًا ؟ ، قَالَ: بَلَى ، فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، فَقَالَ: " بِأَبِي وَأُمِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتُ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْطَاهُنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَكَانَ يَدْعُو بِهِنَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعَ مِرَارٍ، فَلَا يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ " .
أحمد شيخ الطبراني الظاهر أنه أحمد بن داود المكي ، كما صرح به قبل ذلك بأحاديث ، وهو ما ذكره علاء الدين مغلطاي في " شرح ابن ماجة " (2/24) ، ولم يتبين من ترجمته أنه ممن يحتج به ، بل قال الهيثمي في "المجمع" (8/100): " لم أعرفه " .
وشيوخ الطبراني فيهم كثرة ، وكثير منهم مجهولون ، وفيهم الكذابون والوضاعون ، قال الذهبي رحمه الله في ترجمته :
" حدث عن ألف شيخ أو يزيدون. وصنف المعجم الكبير، وهو المسند ، سوى مسند أبي هريرة فكأنه أفرده في مصنف، والمعجم الأوسط في ست مجلدات كبار على معجم شيوخه ، يأتي فيه عن كل شيخ بما له من الغرائب والعجائب ، فهو نظير كتاب الأفراد للدارقطني ، بيَّن فيه فضيلته وسعة روايته ، وكان يقول: هذا الكتاب روحي ، فإنه تعب عليه ، وفيه كل نفيس وعزيز ومنكر " .
انتهى من " تذكرة الحفاظ " (3/ 85) .
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" ونجد كثيراً ممن ينتسب إلى الحديث ، لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة ، وبمثل مسند البزار، ومعاجم الطبراني، وأفراد الدارقطني ، وهي مجمع الغرائب والمناكير " .
انتهى من " شرح علل الترمذي" (2/ 624) .
فكل حديث ينفرد به الطبراني عن شيوخه لابد من التثبت في شأنه جدا ، وتحري أن مثل ذلك المتن : محفوظ .
والحسن البصري على جلالة قدره مدلس ، وصفه بذلك النسائي وغيره ، وكان يرسل كثيرا عن كل أحد ، انظر : "طبقات المدلسين" (ص29) .
وقال البيهقي في "سننه" (8/35) :
" وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ رَغِبُوا عَنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ " انتهى .
وقال الدارقطني في "سننه" (1/136) : " الحسن مختلف في سماعه من سمرة ، وقد سمع منه حديثا واحدا ، وهو حديث العقيقة ، فيما زعم قريش بن أنس ، عن حبيب بن الشهيد " .
والكلام في حديث الحسن عن سمرة واختلافهم في سماعه منه معروف ، وهو مما يدل على غلط هذه الرواية ، أو بطلانها ؛ ولأجل ذلك : لم يعول أحد من أهل العلم ـ فيما علمنا ـ على هذا الحديث في إثبات سماع الحسن من سمرة ، إلا الحافظ مغلطاي .
ولذلك فالأظهر أن قوله فيه : " عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا ... " غلط من بعض الرواة .

والحديث حسنه المنذري في " الترغيب والترهيب " (1 /261) ، والهيثمي في " المجمع " (10/160) ، والسفاريني في " غذاء الألباب" (2 /292) ، وإنما حسّنوه لترجيحهم سماع الحسن من سمرة في الجملة ، وقد صرح هنا بالسماع من سمرة ، فانتفت شبهة التدليس .
وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في " السلسلة الضعيفة " (5349) ، ولعله الراجح .
والله أعلم .