عنوان الفتوى : تعرفت على رجل عن طريق النت وتريد مداومة الحديث معه والتعرف عليه لرغبتها في الزواج منه

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا مسلمة ، أرغب بالزواج من أحد الإخوة الذين التقيتهم على النت ، إنه رجل اعتنق الإسلام ، ويعيش في الخارج ، وذو أخلاق طيبة ، إلا أنه من غير عمل ، وسيجد قريباً - إن شاء الله - ، أمّا أنا ففي السنة الأخيرة في الجامعة ، ولن يسمح لي أبوي بالزواج إلا بعد أن انتهي من الدراسة ، أي إن أمامنا ستة أشهر تقريباً لننتظر ، ونريد في هذه الأثناء أن نتعرف على بعضنا أكثر ؛ حتى يعرف كل منّا مدى ملاءمته للآخر ؛ لأنه لا يمكنني إقحام وليي في الموضوع هكذا دون تفاصيل مسبقة عمن أريد الزواج به ، فأريد أن أتأكد من أهليته لأن يكون أباً في المستقبل قادراً على النفقة ..الخ ، أي بعبارة أخرى لا أريد أن أترك فرصة ، ولو ضئيلة ، لعائلتي ترفض بها هذا الرجل ، وقد صليت صلاة الاستخارة ، وعلى ما يبدوا أن ما جمعته عنه حتى الآن يبعث على الرضى . فماذا تقترحون عليَّ في كيفية التواصل معه في حدود الحشمة ، والاعتدال ، وفي إطار الشرع ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
التحقق من الأهلية الخلقية والدينية في الخاطب هو أحد ركني الزواج الناجح ، والركن الثاني هو التوافق العاطفي والميل القلبي ، والركن الأول هو الركن الأهم ؛ لأن الخلق والدين أساس كل علاقة ناجحة ، وركن كل بيت سعيد ، وإن خلا من تمام المحبة والعاطفة .
فلذلك ينبغي الاهتمام بهذا الركن إلى الغاية الممكنة ، والاستعانة بالله عز وجل في اختيار صاحب الدين والخلق , وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم : (105728) بعض الوسائل التي يستعان بها على تحقيق هذا الأمر.
أما بخصوص المحادثة بين الرجل والمرأة الأجنبيين على برامج المحادثة : فهذا الأصل فيه المنع ، لأنه باب شر وفتنة , وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في العشق ، وقادت بعضهم إلى فعل الفواحش والموبقات ، والشيطان يخيل للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق والعشق المفسد لأمور الدنيا والدين .
وقد سدت الشريعة كل الأبواب المفضية إلى الفتنة ، ولذلك حرمت الخضوع بالقول , ومصافحة الأجنبية والنظر إليها ، والخلوة بها ، وهذه المحادثات الخاصة سبب من أسباب الفتنة كما هو مشاهد ومعلوم .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب :
"لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به ، وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ، ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة ، وخطر كبير ، يجب الابتعاد عنها ، وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام " .
انتهى ، نقلا عن : " فتاوى المرأة " ، جمع محمد المسند ، ص 96 .
ولاشك أن التخاطب عبر الشات أبلغ أثرا ، وأعظم خطرا من المراسلة عن طريق البريد .
فاتقي الله تعالى أيتها السائلة ، وامتنعي عن محادثة هذا الرجل ، فذلك أسلم لدينك ، وأطهر لقلبك ، واعلمي أن الزواج بالرجل الصالح منَّة ونعمة من الله تعالى ، والنعمة لا تنال بالمعصية .
فإن أراد هذا الرجل الزواج منك فليأت البيوت من أبوابها , وليتواصل مع وليك لخطبتك , ويبقى بعد ذلك أمر التحقق من دينه وخلقه ، ممكنا بالوسائل المشروعة التي بيناها في الفتوى المحال عليها سابقا .
ثم إن هذا الأمر في حقيقته هو مسؤولية الولي ، وواحد من أهم أدواره في تولي عقد النكاح ، أن ينظر في حال الخاطب ، ويتدبر أمره ، ويرى ملاءمته ، وأهليته ، وقدرته على الوفاء بالتزامات الزوجية ، ولا تتمكن المرأة من الحكم على تلك الأمور حكما موضوعيا ، صحيحا .
على أن بإمكانك أن تخبريه بما يجب عليه توفيره ، قبل أن يتقدم إليك ، فإذا ما تيسرت أموره المادية ، وأصبح في حال ملاءمة ، فعليه أن يأتي البيت من بابه ، ويتقدم لوالدك ، ويتعرف على أسرتك .
والله أعلم.