عنوان الفتوى : كيف يتصرف الزوج مع زوجته التي أخبرت عائلتها أنه غير قادر على الجماع ؟
هل يجوز للزوجة أن تكشف لعائلتها وأقاربها وكذلك أصدقائها أن زوجها غير قادر على مجامعتها جنسياً ( لأنه ربما عاجز جنسياً أو أنه يعاني من عين حاسد أو أنه ضعيف جنسياً ) ؟ فمؤخراً كشفت الزوجة هذا الأمر لكل أقاربها لأمها وأخوالها وكذلك أعمامها بأن زوجها غير قادر على مجامعتها جنسياً ، ويشعر الزوج بحرج شديد ؟ وأيضاً ، فهذا العجز هو بلاء من الله وهو قدر محتوم من الله ؟ ولو طلق الزوج تلك الزوجة الآن : فكيف يقضي الزوج بقية حياته ، لأنه لن ترضى امرأة بالزواج منه لأنها علمت أنه عاجز جنسياً ؟ مع العلم بأن الانتصاب والحيوانات المنوية لا إشكال فيها ، بل هي جيدة ، إلا أن الزوج غير قادر على الجماع ؟ فما هو الحكم في هذا الأمر ، وماذا يلزم ذلك الزوج فعله ؟
الحمد لله
أولا :
الأصل أن كلا من الزوجين يجب عليه أن يحفظ أسرار العلاقة الزوجية بينه وبين الآخر ،
ولا يفشي ذلك .
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين
رحمه الله :
يغلب على بعض النساء نقل أحاديث المنزل وحياتهن الزوجية مع أزواجهن إلى أقاربهن
وصديقاتهن ، وبعض هذه الأحاديث أسرار منزلية لا يرغب الأزواج أن يعرفها أحد ، فما
هو الحكم على النساء اللاتي يقمن بإفشاء الأسرار ، ونقلها إلى خارج المنزل ، أو
لبعض أفراد المنزل ؟
فأجاب : " إن ما يفعله بعض
النساء مِن نقل أحاديث المنزل والحياة الزوجية إلى الأقارب والصديقات : أمر محرَّم
، ولا يحل لامرأة أن تفشي سرَّ بيتها ، أو حالها مع زوجها إلى أحدٍ من الناس ، قال
الله تعالى : ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) ، وأخبر النبي صلى
الله عليه وسلم أن ( شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة
وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) " انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/211 ، 212) .
ولكن : إذا دعت الحاجة إلى
ذكر شيء من ذلك فلا بأس به ، بشرط ألا يزاد بذكر ما لا حاجة لذكره ، ولا ينقل الخبر
إلا عند من تدعو الحاجة لإعلامه ، وترجى المصلحة بذلك .
جاء في " عون المعبود "
(6/158) :
" فَإِنْ كَانَ إِلَيْهِ حَاجَةٌ ، أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ : فَلَا
كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ , وَذَلِكَ نَحْوَ أَنْ تُنْكِرَ الْمَرْأَةُ نِكَاحَ
الزَّوْجِ لَهَا ، وَتَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْزَ عَنِ الْجِمَاعِ ، أَوْ نَحْوَ
ذَلِكَ ؛ كَمَا رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي ادَّعَتْ عليه امرأته العُنَّة قال
: "يا رسول اللَّهِ ، إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ" ، وَلَمْ يُنْكِرْ
عَلَيْهِ " .
فتوسع هذه المرأة بإخبار جميع أقاربها : لا شك في أنه خطأ بالغ ، وهو من هتك سر
زوجها ، وفضحه بما لا يحق لها أن تفعل .
ثم إنه يخالف داعي الحياء ، وعفة الخلق ، وسلامة الطبع .
ثانيا :
يجب على الزوج أن يعاشر امرأته بالمعروف ؛ لقوله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، ومن المعاشرة بالمعروف : الجماع ، وهو واجب عليه ،
بقدر كفايتها .
فإذا عجز عنه ، كان لها حق الفسخ بعد مراجعة القضاء .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
" واختار شيخ الإسلام رحمه الله : أن لها أن تفسخ بعجزه عن الوطء ، وقال : إن عجزه
عن الوطء أولى بالفسخ من عجزه عن النفقة ؛ والصحيح ما قاله الشيخ ؛ لأن كثيراً من
النساء تريد العشرة مع الزوج ، وتريد الأولاد أكثر مما تريد من المال ، ولا يهمها
المال عند هذه الأمور ، فكوننا نقول : إذا عجز عن النفقة فإن لها الفسخ ، وإذا عجز
عن الوطء فليس لها الفسخ ، إلا إذا ثبتت عُنته ، فهذا فيه نظر .
فالصواب ما قاله الشيخ رحمه الله : أنه إذا عجز عن الوطء لمرض ، وطلبت الفسخ :
فإنها تفسخ ، إلا إذا كان هذا المرض مما يعلم ، أو يغلب على الظن : أنه مرضٌ يزول
بالمعالجة ، أو باختلاف الحال ، فليس لها فسخ ؛ لأنه ينتظر زواله " انتهى من "
الشرح الممتع " (12/ 410) .
ولكن يظهر من السؤال أن
الرجل راجع الأطباء ، وبينوا له سلامة وضعه طبيا ، وأنه مع ذلك يعجز عن الجماع .
ومع أنه لا مانع من مراجعة الأطباء الأكفاء مرة أخرى ، للتأكد من السلامة العضوية
والنفسية في ذلك ؛ فقد يكون هذا من أثر سحر عمل لهما ، وهو ما يسمى بالربط أو سحر
الصرف ، وهذا النوع من السحر له أثر بأمر الله على منع الجماع ، قال تعالى (
فيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) البقرة/102 .
والنصيحة لك هو اللجوء إلى الله بالدعاء ، والاستعانة بالرقية الشرعية ، سواء بالقراءة على نفسك ، أو بالذهاب إلى الرقاة المأمونين في عقيدتهم ، والمعروفين ببعدهم عن الشعوذة .
جاء في " فتح الباري "
للحافظ ابن حجر (10/233) :
" وَذكر بن بَطَّالٍ أَنَّ فِي كُتُبِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ : أَنْ يَأْخُذَ
سَبْعَ وَرَقَاتٍ مِنْ سِدْرٍ أَخْضَرَ ، فَيَدُقُّهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ، ثُمَّ
يَضْرِبُهُ بِالْمَاءِ ، وَيَقْرَأُ فِيهِ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، وَالْقَوَاقِلَ ،
ثُمَّ يَحْسُوُ مِنْهُ ثَلَاثَ حَسَوَاتٍ ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ بِهِ : فَإِنَّهُ
يُذْهِبُ عَنْهُ كُلَّ مَا بِهِ ، وَهُوَ جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ إِذَا حُبِسَ عَنْ
أَهْلِهِ " انتهى .
"وَالْقَوَاقِلَ" هي السور
المبدوءة بـ " قل " ، وهي : سورة الإخلاص ، والكافرون ، والمعوذتين .
وقال الشيخ ابن باز رحمه
الله :
" ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضا ، وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله : أن
يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه من
الماء ما يكفيه للغسل , ويقرأ فيها آية الكرسي و ( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو
الله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) ، وآيات السحر التي في
سورة الأعراف , وهي قوله سبحانه : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ
عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا
كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ ) ، والآيات
التي في سورة يونس ، وهي قوله سبحانه : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ
سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا
أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ
إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ *
وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) ،
والآيات التي في سورة طه : ( قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا
أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ
وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى* فَأَوْجَسَ
فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى* قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى *
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ
سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) .
وبعد قراءة ما ذكر في الماء : يشرب منه ثلاث مرات ، ويغتسل بالباقي ، وبذلك يزول الداء إن شاء الله , وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر : فلا بأس حتى يزول الداء .
ومن علاج السحر أيضا ، وهو من أنفع علاجه : بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك , فإذا عرف واستخرج وأتلف : بطل السحر " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (3/279) .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |