عنوان الفتوى : علاج من تعود لسانه الحلف بغير الله
منذ الصغر ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ـ تعودت على قول: والنبي صلى الله عليه وسلم, لا والنبي صلى الله عليه وسلم ـ والآن أصبحت مجبرا على أن أقولها، فهل أشركت وحبط عملي، تأتيني أفكار بأنني أشركت وكفرت والعياذ بالله؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الخلق منهي عنه، بل هو معدود من الشرك الأصغر، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي عنه، فمن ذلك على سبيل المثال ما روى البخاري عن نافع عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما: أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله وإلا فليصمت.
وفي سنن أبي داود، عن سعد بن عبيدة قال: سمع ابن عمر رجلاً يحلف لا والكعبة، فقال له ابن عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد أشرك. والحديث صحيح.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند كلامه على هذا الحديث: قال القاري: قيل معناه: من أشرك به غيره في التعظيم البليغ، فكأنه مشرك إشراكاً جلياً، فيكون زجراً بطريق المبالغة. اهـ.
وقال الشيخ حافظ الحكمي في سلم الوصول:
والشرك نوعان فمنه أكبر به دخول النار إذ لا يغفر
والثان شرك أصغر وهو الريا فسره به ختام الأنبياء
ومنه إقسام بغير الباري كما أتى في محكم الأخبار.
وأما من تعود لسانه على أن يحلف بغير الله: فعليه أن يعود لسانه إذا حلف بغير الله أن يقول: لا إله إلا الله، وقد ثبت واقعياً أن من عود نفسه على ذلك فإنه يتخلص ـ بإذن الله ـ من الحلف بغيره سبحانه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق. رواه أحمد والبخاري وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال ابن العربي: من حلف بها جاداً فهو كافر، ومن قالها جاهلاً أو ذاهلاً يقول: لا إله إلا الله، يكفر الله عنه ويرد قلبه عن السهو إلى الذكر ولسانه إلى الحق، وينفي عنه ما جرى به في اللغو. انتهى نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
فعليك ـ أخي السائل ـ أن تجاهد نفسك حتى تنزه لسانك عن الحلف بغير الله تعالى، ولا تعتبر مشركا ـ إن شاء الله ـ قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ولكن قد يقول بعض الناس: إن الحلف بغير الله قد جرى على لسانه ويصعب عليه أن يدعه، فما الجواب؟ نقول: إن هذا ليس بحجة، بل جاهد نفسك على تركه والخروج منه، وأذكر أنني قد نهيت رجلاً يقول: والنبي، فقال: والنبي لا أعود لها، فهو قالها على أساس أن يؤكد أنه لن يعود لها، لكنها تجري على لسانه، فنقول: حاول بقدر ما تستطيع أن تمحو من لسانك هذه الكلمة، لأنها شرك، والشرك خطره عظيم. انتهى.
والله أعلم.