عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في نجاسة الكلب
قرأت على موقعكم الكريم عدة فتاوى عن نجاسة الكلب، ففي الفتوى رقم: 42679، ذكرتكم أنكم ترجحون نجاسة الكلب بجميع أجزائه، وفي فتاوى أخرى عديدة منها الفتوى رقم: 47336، ذكرتم أن الراجح عندكم هو مذهب أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو القول بطهارة الشعر والجلد، اعذروني، أرى هنا اختلافا بين الفتويين في الترجيح، والمشكلة التي من أجلها أرسل سؤالي هو أن لدينا سيارة ونستخدم الغطاء لتغطيتها، فاكتشف والدي أن الكلاب تجلس على غطاء السيارة وقامت بتمزيقه، فجاء بالغطاء ليقوم بخياطته وهو ما يعني أنه لمس الأماكن التي لمستها الكلاب، لأن الغطاء أصبح نجسـًا، وبالتالي، انتقلت النجاسة إلى يديه وإلى كل ما لمسه في البيت. أفتوني في هذه المسألة ولا تحيلوني إلى فتاوى أخرى، لأنني أزعم أنني قرأت معظمها، وجزاكم الله كل خير، وأحبكم في الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة ـ نعني مسألة نجاسة الكلب ـ قد اختلف فيها أهل العلم، قال شيخ الإسلام رحمه الله: أما الكلب: فللعلماء فيه ثلاثة أقوال معروفة:
أحدها: أنه نجس كله حتى شعره كقول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
والثاني: أنه طاهر حتى ريقه كقول مالك في المشهور عنه.
والثالث: أن ريقه نجس وأن شعره طاهر، وهذا مذهب أبي حنيفة المشهور عنه، وهذه هي الرواية المنصورة عند أكثر أصحابه، وهو الرواية الأخرى عن أحمد، وهذا أرجح الأقوال.
فإذا أصاب الثوب أو البدن رطوبة شعره لم ينجس بذلك، وإذا ولغ في الماء أريق. انتهى.
وأما ما ذكرته من تعارض الفتويين: فهو صحيح، وليس هذا مستغربا، فالعالم الواحد قد تختلف فتواه بحسب ما يظهر له من الترجيح، فأولى أن يختلف قول هيئة يشترك في تحرير فتاواها مجموعة من الباحثين، وإن كنا نحرص قدر المستطاع على تلافي هذا الاختلاف ومنع هذا التعارض، والذي نراه راجحا في هذه المسألة هو ما أفتينا به أخيرا، وهو قول الحنفية ومن وافقهم كشيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ والذي ينبغي لك أن تعمل بهذا القول.
ولعل مسألتك ناشئة عن الوسوسة، وإلا فما دام لم يتيقن أن هذا الغطاء قد تنجس بجلوس الكلاب عليه بأن بالت عليه أو أصابها من عرقه على القول بنجاسة ظاهرها، فالأصل بقاء طهارته ولا يحكم بنجاسته بمجرد الشك، هذا فضلا عن أن يحكم بانتقال تلك النجاسة المشكوك فيها أصلا إلى يد أبيك ثم إلى ما لامسه أبوك من أشياء.
وإننا نحذرك من الوساوس ومن الاسترسال معها، فإن ذلك يفضي إلى شر عظيم، والأصل في الأشياء الطهارة، ولا يحكم بتنجس شيء إلا بيقين، ولا يحكم بانتقال النجاسة من جسم لآخر إلا بيقين، وانظر الفتوى رقم: 128341.
ولبيان أحوال انتقال النجاسة من جسم لآخر انظر الفتاوى التالية أرقامها: 116329، 117811، 154941.
والله أعلم.