عنوان الفتوى : مدى تأثير التدافع والتشاحن باللسان أو باليد على صحة الحج
جزاكم الله خيرا على إتاحة الفرصة لنا للسؤال عن أحوال ديننا الحنيف، أود
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تعني بالمشاحنات بالأيدي مجرد التدافع بسبب الزحام، فلا شيء في ذلك إن لم تتعمد ذلك، وأما إن آذيت نفسك أو غيرك بهذا التدافع والتزاحم فيحرم حينئذ، قال النووي في المجموع: هذا الذي ذكرنا من استحباب دخول البيت هو فيما إذا لم يتضرر هو، ولا يتضرر به أحد، فإن تأذى أو آذى لم يدخل، وهذا مما يغلط فيه كثير من الناس فيتزاحمون زحمة شديدة بحيث يؤذى بعضهم بعضا، وربما انكشفت عورة بعضهم أو كثير منهم، وربما زاحم المرأة وهي مكشوفة الوجه ولامسها، وهذا كله خطأ تفعله الجهلة ويغتر بعضهم ببعض، وكيف يحاول العاقل سنة بارتكاب محرم من الأذى وغيره. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: تَحْرُمُ الْمُزَاحَمَةُ إِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا أَذًى لأِحَدٍ، كَمُزَاحَمَةِ الأْقْوِيَاءِ لِلضُّعَفَاءِ عِنْدَ اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ الأْسْوَدِ، أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا أَمْرٌ مَحْظُورٌ شَرْعًا، كَمُزَاحَمَةِ الْمَرْأَةِ لِلرِّجَال فِي الطَّوَافِ وَعِنْدَ اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ الأْسْوَدِ وَغَيْرِهِ مِنَ الأْمَاكِنِ الْعَامَّةِ. انتهى.
وكذا الألفاظ إن كانت من قبيل تنبيه الغير بالسير أو الوقوف ـ مثلا ـ أو التنحي يمنة أو يسرة، فلا شيء في ذلك، وأما إن كانت الألفاظ محرمة في نفسها، أو أنها تثير الشحناء في القلوب والبغضاء، فتحرم وتكون داخلة في الفسوق والجدال المحرم، قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: فالحج وسيلة للمحبة والتعاون والصفاء، ومن حكمه العظيمة ترك ما يسبب البغضاء والشحناء من رفث أو فسوق أو جدال، فهو وسيلة عظيمة إلى صفاء القلوب واجتماع الكلمة والتعاون على البر والتقوى والتعارف بين عباد الله في سائر أرض الله، ولقد كان عند العرب جدال في جاهليتها فنهى الله عن ذلك، فلا جدال في الحج، لا من جهة ما كانت عليه في الجاهلية ولا من جهة ما يسبب البغضاء والشحناء، كل ذلك لا يجوز. انتهى.
وعلى من ارتكب شيئا من هذا التزاحم والجدال المحرم أن يتوب من ذلك الإثم، وليس عليه كفارة مخصوصة، وحجه صحيح وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: عن رجل حصل منه بعض الجدال مع رفقائه في الحج هل تصح حجته وتجزئه ولو كانت حجة الفريضة؟ الجواب: حجته صحيحة، وتجزئه عن الفريضة، لكن ينقص أجره فيها بقدر ما حصل منه من جدال مذموم وعليه التوبة من ذلك، لقول الله سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى رقم: 12832.
والله أعلم.