عنوان الفتوى : منزلة الموطأ بين كتب الحديث
هل يمكن أن نقول إن كتاب الموطأ للإمام مالك من الصحاح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إطلاق الصحيح على الموطأ، قد اختلف فيه العلماء حتى قدمه بعضهم على الصحيحين، وبعضهم جعله في مرتبة كتب السنن التي لم تشترط الصحة.
وقد ذكر أقوالهم الدكتور حاتم بن عارف العوني في كتابه مصادر السنة، ومناهج مصنفيها، وننقل لك نصه: وهناك عبارة ذكرها الإمام الشافعي كَثُرَ أن نقلها أهل العلم في كتبهم وهي قول الشافعي: ما بعد كتاب الله كتابٌ أصح من كتاب مالك، وفي رواية: أفضل من كتاب مالك. وهذه شهادة عصري للإمام مالك، اطلع على كثير من الكتب المؤلفة في ذلك الزمن، وهو أحد أئمة الإسلام، وهو الإمام الشافعي، ويُطلِق مثل هذه العبارة بلا شك وسامَ شرف - كما يُقال - لهذا الكتاب الجليل كتاب " الموطأ " للإمام مالك بن أنس.
تكلم عن هذا الكتاب جماعة من أهل العلم؛ فمنهم من قدَّمه على الصحيحين، وهم كثير من علماء المالكية، ومنهم: أبو بكر بن العربي صاحب أحكام القرآن، وصاحب " عارضة الأحوذي " وغيرها من الكتب، قدَّم موطأ مالك على الصحيحين.
ومنهم من جعله في منزلة الصحيحين، وممن فعل ذلك مغلطاي بن قليج العالِم المملوكي الشهير. يُعتبر كتاب " الموطأ " في مرتبة الصحيحين، وانتقد ابن الصلاح لمَّا ذكر ابن الصلاح أن أول من ألَّف في الصحيح المجرد البخاري انتقد عليه بأنه قد سبقه إلى ذلك مالك بن أنس.
ومنهم من جعله في مرتبة ثالثة بعد الصحيحين، يعني بعد صحيح البخاري، ومسلم يأتي موطأ مالك.
ومنهم من اعتبره في مرتبة سنن أبي داود، والترمذي، والكتب المشهورة التي لم تشترط الصحة. انتهى.
وبهذا يعلم أن القول بأن الموطأ من كتب الصحاح هو قول لبعض أهل العلم، وينبغي أن يعلم أن هذا الاختلاف لا ينقص من قيمة الموطأ، ويكفيك لمعرفة قيمته الكبيرة شهادة الإمام الشافعي السابقة الذكر، وكذلك قول الحافظ الذهبي- رحمه الله تعالى- في سير أعلام النبلاء: وَإِنَّ (لِلموطَّأ) لَوَقْعاً فِي النُّفُوْسِ، وَمَهَابَةً فِي القُلوب لاَ يُوَازِنهَا شَيْءٌ. انتهى.
والله أعلم.