عنوان الفتوى : حرض امرأة على مفارقة زوجها ثم تزوجها وادعى أن ولدها من زوجها الأول ولده

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قام رجل بتشجيع إحدى النساء على الهرب من زوجها، وقد كان معها منه ولد، فذهبت إلى المحكمة وخالعته ، ثم بعد ذلك تزوجها ذلك الرجل ، وأدّعى أن الولد ولده ، وليس ولد الزوج الأول. فما رأي الشرع في هذه المسألة ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
أولا :
ما قام به هذا الرجل من تحريض المرأة على الهرب من زوجها ومخالعته عمل محرم ، وإثم عظيم ، فلا يحل لمسلم أن يتقدم بعرض الزواج على أي امرأة متزوجة ، أو يفسدها على زوجها ، حتى من غير طلب زواج ، أو رغبة فيه ، مهما كان السبب ؛ فقد ورد في ذلك الوعيد الشديد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا ) رواه أبو داود (2175) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
ثانيا:
ما قامت به المرأة من مخالعة زوجها دون سبب يستوجب ذلك : ورد الوعيد الشديد فيه في قوله صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امرَأَةٍ سَأَلَت زَوجَهَا طَلَاقًا فِي غَيرِ مَا بَأسٍ فَحَرَامٌ عَلَيهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ ) رواه الترمذي (1187). صححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
ثالثا:
ولأجل الجريمة التي اقترفاها ، وشناعة ما وقعا فيه : فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من أفسد امرأة على زوجها ، لم يحل له أن يتزوجها ، بل تحرم عليها على التأبيد ، وهو مذهب المالكية.
وجمهور العلماء يرون صحة النكاح ، مع إثمهم فيما وقعوا فيه .
رابعا:
لا يحل لهذا الرجل ، ولا لغيره ، أن ينسب ولد غيره لنفسه ، بل هذا من الكذب والزور ، والعدوان على حق الغير ، وإفساد الأنساب ، وفيه من المفاسد الشيء العظيم ، ولأجل ذلك حرم الله التبني ، بنسبة ولد الغير إلى نفسه ، حتى ولو وافق أبوه ، أو لم يعرف له والد ؛ فكيف إذا كان قد اغتصبه اغتصابا ، وادعاه لنفسه ؟ هذا أشد وأشنع .
قال الله تعالى : ( مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/4-5.
فالواجب عليهما أن يتقيا الله ، ويتوبا إليه من تلك الجرائم : جريمته في إفساد المرأة على زوجها ، وجريمتها في مطاوعته في ذلك ، واختلاعها من زوجها ؛ ثم جريمته في ادعاء ولد الغير إلى النفس ، وإعانتها هي لهذا الباغي على بغيه وعدوانه ، وليحذرا من غضب الله وعقابه ؛ وليعلما أن الله شديد العقاب ، وأنه يمهمل ولا يهمل ؛ قال الله تعالى : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ) إبراهيم/42 .
روى مسلم في صحيحه (2583) عَنْ أَبِي مُوسَى، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِي لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ، ثُمَّ قَرَأَ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ، إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) .
وللاستزاده انظر سؤال رقم: (84849) و(185184).
والله أعلم .