عنوان الفتوى : حكم من شك في الخارج منه هل هو مذي أم مني
أسأل الله العظيم أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم, وآسفة جدًّا للإطالة. أنا فتاة أبلغ من العمر عشرين عامًا, كنت أفكر في الجنس وأشياء أخرى - كيوم الخطبة, والزواج, وأشياء كثيرة - وعلمت الآن أنها حرام, ولم أكن أعلم أن هذا حرام, ولم أكن أعرف أحكام المني والمذي, وكنت أقرأ أحيانًا, ولكني كنت أظن أن هذا للمتزوجات, ولم أكن أعلم أن هناك جنابة على البنات مثلي لتقصير مني في تعلم العلم الشرعي, وكان ذلك أثناء دراستي في الثانوية العامة, وأنا ملتزمة, ولكني كنت أظن أني ما دمت لا أنظر إلى الرجال ولا أفكر في شخص معين أن هذا ليس حرامًا, ولكني أشعر أحيانًا أنه حرام فأتركه, ويأتيني الشيطان مرة أخرى ويزين لي أنه ليس حرامًا, وكان ينزل مني سائل لا أعلم هل كان منيًا أم مذيًا, ولم يكن ينزل أحيانًا, أو أني لست متذكرة, وكنت أحارب ذلك التفكير أثناء الدراسة؛ لأنه كان يسعدني أولًا ثم يحزنني إلى أن انتهت الدراسة, وسرحت وفكرت كثيرًا في الإجازة, وكنت أتخيل يوم خطبتي ويوم زفافي, وأني لن أشغل موسيقى ولا أغانٍ, ولن يلبسني الذهب خطيبي, ولن أقبل إلا بزوج ملتزم, ويزين لي الشيطان أن ذلك ليس حرامًا, وأنا الآن لا أدري هل كان ينزل مني سائل أم لا, وجاء شهر رمضان وكنت أفكر كثيرًا, ويزين لي الشيطان أن هذا ليس حرامًا, ولا أعلم الآن هل كان ينزل مني منيّ أم مذي؟ وبعد أن دخلت الجامعة عزمت أن أترك هذا التفكير - سواء كان حرامًا أم جائزًا – وتركته, وتبت إلى الله, وقلت في نفسي: إن ذلك لا ينفعني, وتركت ذلك الأمر, ولم أعد أفكر فيه, وبينما كنت أبحث على الإنترنت وجدت أن ذلك التفكير حرام, وقرأت كثيرًا عن المني والمذي, وعلمت أنه إن كان قد نزل مني مني فإنه كان يجب عليّ الغسل, وأنه لا تصح معه الصلاة والصوم, وبعد أن علمت مواصفات المني والمذي لست متيقنة هل كان يخرج مني مني أم مذي؟ كما أني أغض بصري عن النظر إلى الرجال, وتأخذني وساوس شديدة في الجنس, وأحاول أن أصرفها بأي طريقة بذكر الله, فهل ذلك عليّ حرام؟ وأقول في نفسي: إني ملتزمة بالحجاب, وليس عندنا تلفاز, وهؤلاء البنات المتبرجات ألا يدور في عقلهن ما يدور في عقلي؟! ويلبس عليّ الشيطان الأمر, وهذا الموضوع أتعبني لأني أشعر أني أصبت بالوسواس في أمور الطهارة والصلاة, ولكني بدأت لا ألتفت لذلك فارتحت, ولكن تأتيني وساوس شديدة تتعبني: هل ما صليته وصمته صحيح أم لا؟ بكيت كثيرًا إلى أن ألحَّ عليّ والدي وأمي أن أخبرهم السبب فأخبرت أمي, فقالت لي: إن هذه إفرازات شهوة لا يلزم الغسل منها, وتزول بالوضوء, وماذا عليّ لو كنت صليت أكثر من صلاة بوضوء واحد؟ وأخبرت أبي - وهو يعطي دروس فقه - فأخبرها أن هذا لا يلزم الغسل, وقالا لي - أبي وأمي -: لا تفكري في هذه الوساوس؛ لأنها ستؤذيك كثيرًا وتؤذينا معك, ولكني قلت: إنهم يحاولون الرفق بي, وهم لن يحاسبوا أمام الله على ذلك بدلًا مني, وقلت: أنا سأصلي وأصوم ولن أخبرهم, ونحن نصوم يوم الاثنين والخميس, وأنا لا أعلم عدد الأيام التي يجب أن أقضيها من صلوات وصيام؟ وهل علي ذلك أم لا؟ وهذا الأمر يشغلني في صلاتي الحالية, وأمي تقنعني أن ذلك ليس منيًا, وأبي يطلب مني أن أبتعد عن هذا الوسواس؛ حتى لا يؤذيني, وقال لي: صلاتي كانت صحيحة, وعليّ ألا أنظر إلى الماضي لأني لم أكن أعلم الحكم, وأن أفكر في الوقت الحالي؛ لأن ذلك سيفتح عليّ باب الوساوس أكثر ويتعبني, فهل إن اعتبرت ذلك مذيًا – كما تقول لي أمي؛ حتى لا أتعب من التفكير - وكان عند الله العليم بكل شيء منيًا سأحاسب على ذلك؟ وهل الإكثار من النوافل وصيام الاثنين والخميس يعوض إن كان عليّ شيء من رمضان أو الصلاة؟ وهل عليّ ألا ألتفت إلى تلك الأمور التي تشككني في صحة صلاتي, وأنا أعلم أني أذنبت بالتمادي في ذلك التفكير أيامًا كثيرة, فهل يجب أن أعيد صيامي وصلاتي أم لا ألتفت إلى ذلك - كما تقول لي أمي -؟ أستغفر الله وأتوب إليه, وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فيبدو أن الوسوسة بلغت بالأخت السائلة مبلغا كبيرًا, ولا نرى أن ما ذكرته من التفكير الذي كان ينتابك سبب لكل تلك الوساوس والاسترسال معها, والذي يمكننا قوله لك هو أن صلاتك صحيحة, وصيامك صحيح, ولا يلزمك إعادة شيء من الصلوات والصيام.
ونزول المذي أو المني بالتفكير لا يفسد به الصيام في قول جمهور أهل العلم كما بيناه في الفتوى رقم: 56240, والفتوى رقم: 184859 كما أن من شك في الخارج منه هل هو مذي أو مني فإن له أن يعتبره أي واحد منهما شاءه، كما هو مذهب الشافعية.
قال الخطيب الشربيني في الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: فإن احتمل كون الخارج منيًّا أو غيره كودي أو مذي تخير بينهما على المعتمد. اهـ
ولا يلزمه الاغتسال إن اعتبره مذيًا وصلاته صحيحة, ولا يلزمه شيء, كما بيناه في الفتوى رقم: 162895.
فننصح الأخت السائلة بالكف عن تلك الوساوس, وأن لا ترهق نفسها وأهلها, وانظري الفتوى رقم: 3086.
والله تعالى أعلم.