عنوان الفتوى : متي يعطى الأمان للعدو في أرض المعركة؟
متي يعطى الأمان للعدو في أرض المعركة؟ ولكم جزيل الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم أولا أن شرط إعطاء الأمان للكفار هو عدم خوف الضرر منهم، قال في كشاف القناع: ويشترط للأمان عدم الضرر علينا بتأمين الكفار، واشترط الفقهاء كذلك ألا تزيد مدته على عشر سنين كما صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين يوم الحديبية.
ثم الأمان العام لا يعطيه إلا الإمام، قال البهوتي: ويصح الأمان من إمام لجميع المشركين، لأن ولايته عامة، ويصح أمان أمير لأهل بلدة جعل بإزائهم أي: ولي قتالهم، لأن له الولاية عليهم فقط، وأما في حق غيرهم فهو كآحاد الرعية المسلمين، لأن ولايته على قتال أولئك دون غيرهم. انتهى.
وأما آحاد الرعية: فلا يجوز لهم إعطاء الأمان إلا لآحاد المشركين أو لقافلة صغيرة أو حصن صغير، لئلا يفضي إلى تعطيل الجهاد، قال ابن قاسم في الحاشية: يصح أمان كل واحد من آحاد الرعية لقافلة صغيرة، وحصن صغير عرفًا وقدره بعضهم مائة فأقل، لأن عمر أجاز أمان العبد لأهل الحصن، ولا يصح لأهل بلدة كبيرة كرستاق، ولا جمع كبير، لأنه يفضي إلى تعطيل الجهاد، والافتيات على الإمام. انتهى.
ومتى طلب الكافر الأمان ليسمع كلام الله وجبت إجابته لذلك، قال تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ{التوبة:6}.
قال في الروض: ومن طلب الأمان ليسمع كلام الله ويعرف شرائع الإسلام لزم إجابته ثم يرد إلى مأمنه. انتهى.
والخلاصة أن العدو إذا طلب الأمان في أرض المعركة ولم يكن في إجابتهم لذلك ضرر علينا جاز للإمام أو أمير الجيش الذي ولي قتالهم تأمينهم جميعا، ويجوز لآحاد المسلمين تأمين الكفار على الوجه المذكور إلا أن الأسير لا يؤمنه إلا الإمام عند كثير من العلماء، قال في شرح الإقناع: ويصح الأمان من إمام وأمير لأسير كافر بعد الاستيلاء عليه، وليس ذلك لآحاد الرعية إلا أن يجيزه الإمام، لأن أمر الأسير مفوض إلى الإمام فلم يجز الافتيات عليه فيما يمنعه ذلك. انتهى.
وشرط من يصح أمانه أن يكون مسلما عاقلا ولو عبدا أو أنثى، فهذه خلاصة لعلها تفي بالمقصود، ومزيد التفصيل تجده في مطولات الفقه.
والله أعلم.