عنوان الفتوى : عندهم عوائد منكرة عند تحية الأكابر لا يتم الزواج إلا بها ، فماذا يصنع ؟
أنا شاب في منتصف العشرينات من عمري من أسرة يوروبوية من جنوب غرب نيجيريا وأتمنى الزواج قريبا ، لكن هناك قضية يستعصي علي معالجتها ، وهي : أن هناك عرفا سائدا يتبع في تحية الكبار ، وذلك أن الرجال يلقون بأنفسهم على الأرض ممدين رجليهم ويقبلون بوجههم نحو الأرض ، أو انحناء بالجذع بحيث يكون تقريبا من تسعين درجة مع النصف المتبقي من الجسم ، أو جلوس القرفصاء ، في حين تركع المرأة واضعة ركبتيها على الأرض . يأخذ أبي هذا النوع من التحية على محمل الجد ويهدد من يأبى ذلك من أبنائه يوم زواجه باللعن ، وكذلك من يرفض التصوير ، وكانت شقيقتي قبلي رفضت هذ العرف ، واشتدت وطأة أبي عليها ، وفي الوقت نفسه حاولنا أن نشرح له الأمر ، ولكن غلبت عليه ميوله الصوفية . وكما يبدو أنني لا يمكن أن أستمر بالزواج بدونهم ، بما تنصحونني علما بأنني أحتاج إلى الزواج قريبا خشية الوقوع في الحرام .
الحمد لله
أولا :
تقدم بيان أن الانحناء عند اللقاء أو التحية لا يجوز ؛ لما فيه من الذل لغير الله ،
والتشبه بالأعاجم .
ويشتد المنع إذا ازداد الانحناء حتى صار ركوعا أو قريبا منه ، فإن كان ركوعاً أو
سجوداً أريد به تعظيم ذلك المخلوق كتعظيم الله فإنه يكون من الكفر .
فلا يحل لأحد بحال أن يحني ظهره إلا لله رب العالمين .
راجع جواب السؤال رقم : (159164)
.
ومن هذه الهيئات المنكرة المستشنعة في التحية : ما ورد ذكره في السؤال ؛ فلا يجوز
للمسلم أن يعمل شيئا من ذلك ، وبعضه أشد فحشا من بعض .
والواجب عليكم - وخاصة في ظل ما يبلغنا من أحوالكم ، وتآمر أهل الكفر وأتباع الصليب
عليكم - أن تتمسكوا بدينكم ، وتحاربوا البدع والمنكرات ، وتجتهدوا في ذلك أشد
الاجتهاد .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيه مثل قبض
على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ) قيل : يا رسول الله
أجر خمسين منهم ؟ قال : ( أجر خمسين منكم ) . رواه أبو داود (4341) وصححه الألباني
في "صحيح أبي داود" .
ثانيا :
يجب عليكم - بمزيد من العقل والحكمة والعلم ، مع الاستعانة بالله تعالى - أن تنصحوا
أباكم في هذا الشأن بما يصحح به اعتقاده ، ويصرفه عن هذه الخرافات والبدع المحدثة ،
وتبينوا له الحكم الشرعي في ذلك ، وتصبروا عليه في النصح والتذكير بما أوجب الله له
من حق عليكم ، ثم استعينوا بأهل العلم والخير والصلاح في ذلك .
ومع الإخلاص وحسن النية والقصد ، وحسن التوكل على الله ، وحسن الظن به ، ومزيد من
الصبر والإلحاح ينصلح حاله بإذن الله .
ولا يضرك سبه أو لعنه أو دعاؤه عليك ؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ؛ وإن
كره وسخط وسب ودعا ، ودعاؤه عليك ظلم منه ( وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ )
آل عمران/ 57 .
فلا تطع والدك في فعل ما يأمرك به من الأمر المنكر ، ولكن تحمل وتجمل بالصبر واستعن
بالله ولا تعجز ؛ فإن الفرج مع الكرب ، وإن النصر مع الصبر ، وإن مع العسر يسرا ،
إن مع العسر يسرا .
يقول الشيخ ان باز رحمه الله :
" لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، فإن أطاعه في المعصية صار معصية ، وإن أطاعه في
الشرك صار مشركا " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (1/ 271) .
وراجع جواب السؤال رقم : (13032)
.
فإن خشيت على نفسك العنت ،
وأمكن مداراته بأخف الصور المذكورة في التحية ، فتجلس القرفصاء على الأرض عنده ،
فنرجو ألا يكون بذلك بأس ، إن شاء الله ، إذ إن هذه الجلسة ليست هيئة عبادة لله .
فإن لم يكفه ذلك ؛ فلا عليك أن تتزوج بغير إذنه ، وبعيدا عنه ، واجتهد في الاستقلال
بنفسك ، وطلب عيشك ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله .
فإن استطعت أن تتزوج بدون إذنه فلا حرج عليك .
7577) .
والله تعالى أعلم ..