عنوان الفتوى : الجمع بين حديثين متعلقين بالقضاء والاجتهاد

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كيف نوفق بين الحديثين التاليين قول الرسول ﷺ: القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار؛ فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار رواه أبو داود. وحديث الرسول ﷺ ومعناه: المجتهد إذا أصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر واحد. وفقوا بين الحديثين؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

ليس بينهما بحمد الله تعارض، بل المعنى واضح؛ فالحديث الأول[1] فيمن قضى للناس على جهل ليس عنده علم لشرع الله يقضي به بين الناس فهو متوعد بالنار؛ لقوله: على الله بغير علم، وهكذا الذي يعلم الحق ولكن يجور من أجل الهوى لمحبته لشخص أو لرشوة أو ما أشبه ذلك فيجور في الحكم فهذان في النار؛ لأن الأول ليس عنده علم يقضي به فهو جاهل فليس له القضاء، أما الثاني فقد تعمد الجور والظلم فهو في النار. أما الأول فقد عرف الحق وقضى به فهو في الجنة.
أما حديث الاجتهاد الذي رواه عمرو بن العاص وما جاء في معناه وهو في الصحيحين عن النبي ﷺ قال: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر[2] فهذا في العالم الذي يعرف الأحكام الشرعية وليس جاهلًا، ولكن قد تخفى عليه بعض الأمور وتشتبه عليه بعض الأشياء فيجتهد ويتحرى الحق وينظر في الأدلة الشرعية من القرآن والسنة ويتحرى الحكم الشرعي لكنه لم يصبه، فهذا له أجر الاجتهاد ويفوته أجر الصواب وخطؤه مغفور؛ لأنه عالم عارف بالقضاء ولكن في بعض المسائل قد يغلط بعد الاجتهاد والتحري والنية الصالحة فهذا يعطى أجر الاجتهاد ويفوته أجر الصواب.
الثاني اجتهد في طلب الحق واعتنى بالأدلة الشرعية ليس له قصد سيئ، بل هو مجتهد طالب للحق فوفق له واهتدى إليه وحكم بالحق فهذا له أجران: أجر الإصابة، وأجر الاجتهاد، وبذلك يعلم أنه ليس بين الحديثين تعارض، والحمد لله[3].


--------------------
أخرجه أبو داود في سننه، كتاب القضاة، باب في القاضي يخطئ، برقم 3102. أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد، برقم 6805، ومسلم في صحيحه، كتاب الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد، برقم 3240. مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (25/ 267).