عنوان الفتوى : حول عبارة: سيئة جارية
أشكركم على هذا الموقع: في الفتوى رقم: 173733، في الحديث الذي رواه الترمذي في سننه عن أنس بن مالك أنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يستحمله فلم يجد عنده ما يتحمله فدله على آخر فحمله، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال إن الدال على الخير كفاعله ـ و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدال على الشر كفاعله، لقوله صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى هدىً كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا. رواه مسلم.
وأما عن السيئة الجارية: فإن هذه العبارة لم نر ذكرا لها عند أهل العلم في اصطلاحاتهم، ولكن من عمل عملا سيئا وامتد أثره من بعده كان عليه وزره ووزر من ضل بسبب عمله، كما قال تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ {النحل:25}.
وفي صحيح مسلم: من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً.
وفي صحيح البخاري: ليس من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها، لأنه أول من سن القتل.
وقال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ {يس:12}.
قال مجاهد في تفسيرها: ما أورثوا من الضلالة ـ نقله عنه ابن كثير.
وقال جار الله الزمخشري في تفسيره: ونكتب ما قدموا وآثارهم ـ ونكتب ما أسلفوا من الأعمال الصالحة وغيرها وما هلكوا عنه من أثر حسن، كعلم علموه، أو كتاب صنفوه، أو حبيس حبسوه، أو بناء بنوه: من مسجد أو رباط أو قنطرة أو نحو ذلك. أو سيئ، كوظيفة وظفها بعض الظلام على المسلمين، وسكة أحدث فيها تخسيرهم، وشيء أحدث فيه صدّ عن ذكر الله: من ألحان وملاهٍ، وكذلك كل سنة حسنة أو سيئة يستن بها، ونحوه قوله تعالى: يُنَبَّأُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ ـ أى: قدّم من أعماله، وأخر من آثاره. انتهى.
والله أعلم.