عنوان الفتوى : لا نرى جواز سفرك بدون محرم
إخوتي في الله بارك الله فيكم على مجهوداتكم المباركة: لم أجد من يعطيني فتوى أو من يدلني على الصواب في موضوع هام جدا بالنسبة لي وجزاكم الله خيرا لإعانتي وبارك الله فيكم: أعيش في بلد عربي مسلم ـ كحال سائر بلاد المسلمين اليوم نسأل الله العافية ـ صارت مؤخرا ثورة في البلاد قامت بقلب المعايير قليلا فمثلا في زمن المخلوع لم يكن هناك وجود للنقاب ولا حتى الحجاب المتبرج ولا يسمح للرجال بإرخاء اللحى ولا تجد أي علامة من علامات الإسلام في البلاد، وبعد الثورة أصبح الناس يمارسون دينهم بحرية أكثر ولكن هنالك هجوم على الإخوة والافتراء عليهم ووضعهم في السجون دون أي سبب وأصبحوا يقومون بأشياء لم يكن حتى المخلوع يفعلها، فأريد الهجرة بديني من هذا البلد ولكن من دون محرم وأهلي لن يعلموا بهجرتي، لأنهم إن سمعوا بهذا الخبر لن يدعوني أذهب ولهم تحيزات علمانية, فعندما قررت ارتداء النقاب حاولوا منعي بطرق معنوية ومادية لكن الله ثبتني وله الحمد، فهم ليسوا على عقيدة سليمة ـ مرتدين ـ ومؤخرا تقدم لخطبتي أخ أراد النفير وأراد أن يأخذني معه فهو السبيل الوحيد لي لكي أخرج من المنزل ولكنهم رفضوا رفضا شديدا لأنه لا يملك منزلا وليس لديه عمل قار مع العلم أنه ذو خلق ودين, أردت أن أهاجر مع زوجي ونذهب بعدها معا لبلاد فُرض فيها الجهاد ـ أهلي لم يكن لهم علم بهذا ـ ولكنهم رفضوا وصارت مشاكل وبطل الزواج، والآن سأهاجر وحدي ولي أخت في الله وزوجها سيقومان باستقبالي وسأكون آمنة معهم ـ بإذن الله ـ وسنطلب العلم الشرعي، إذ في مدينتي لا يوجد سبيل لذلك وأريد أن أنفع الأمة ولكن مع بقائي في هذا المكان لن أستطيع فعل شيء غير القعود والركون في ملاهي الدنيا العفنة, أريد أن أسأل هل هناك مفسدة إذا ذهبت وتركت عائلتي في حيرة من أمرهم وتعرف أن المجتمعات العربية لا تتحمل واقعة خروج بنت ليست متزوجة من دون علم أهلها, يعني سوف تنقلب حياة إخوتي وأهلي من بعدي ولن يستطيعوا التستر على عدم وجودي, وأيضا لا أعرف إن كانت هجرتي ترضي الله أم لا، فهم لم يجبروني على معصية ولم يقوموا بمنعي من إقامة شعائر ديني....وعندما أذهب إلى منزل الأخت سأسكن معها هي وزوجها في منزلهم، فهل يجوز أن أسكن مع رجل لا يحل لي في نفس المنزل بدون محرم؟ وسأتزوج بأخ هناك دون ولي أمر، بل سنذهب إلى السفارة لكتابة العقد, فهل يصح الزواج؟ مع العلم أن الولاية سقطت عن أهلي لأنهم مرتدون، أريد من حضرتكم أن تجيبوني على أسئلتي، وهل أقدم على الهجرة أو أنتظر حتى أتزوج أخا وأهاجر معه؟ والفرص قليلة فمن هم على عقيدة سليمة قليلون وأهلي لن يرضوا بأخ مادياته ليست جيدة والبقاء في هذا البلد من الممكن أن يكون فيه خطر على حياتي فوضع البلاد ليس آمنا فمؤخرا قام جنود الطاغوت بقتل أخت لنا في الله في عقر دارها والحرب على الإسلام قائمة بشدة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام أو من بلد المعصية إلى بلد الطاعة لا تجب بإطلاق، وإنما تختلف أحكامها باختلاف أحوالها، ويمكنك أن تطالعي الفتويين رقم: 12829، ورقم: 48193، ومنهما يُعلم أن من كان قادرا على إقامة دينه في بلده لا تجب الهجرة في حقه، وإذا لم تجب الهجرة لم يكن للمرأة ـ في الحال التي ذكرتها ـ الحق في أن تسافر بغير محرم، وانظري الفتوى رقم: 56445.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فإن المرأة إذا سافرت إلى بلد آخر من غير أن يكون معها زوج أو محرم ربما تعرضت للخطر والاعتداء عليها وهتك عرضها، وخاصة في مثل هذا الزمان الذي كثر فيه الفساد وقل فيه الورع، ولا يجوز للمرأة ترك بيت حاضنها إذا خشي أن تتعرض للفساد، فنصيحتنا لك أن تبقي في بيت أهلك، والعلم سبله متيسرة الآن من خلال الانترنت وغيره، ويمكنك البحث عن زوج صالح يعينك في أمر دينك ودنياك، وأكثري من الدعاء، واستعيني ببعض صديقاتك الصالحات وقريباتك الموثوقات، فلا حرج في أن تبحث المرأة عن رجل صالح يتزوجها، كما بينا بالفتوى رقم: 18430.
ولا بأس بأن تحاولي إقناع أهلك بالزواج من الشاب الذي ذكرته إن كان لا يزال يرغب في الزواج منك، وإن لم تتزوجي من هذا الشاب فقد ييسر الله لك غيره، هذا مع التنبيه إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تتزوج بغير إذن وليها على الراجح من أقوال الفقهاء، وراجعي الفتوى رقم: 1766.
وإذا لم يوجد الولي قام مقامه السلطان المسلم أو من ينوب عنه كالقاضي الشرعي.
وننبه في الختام إلى أمرين:
الأول: أنه لا يجوز التسرع إلى تكفير المعين ولو فعل مكفرا، لأن التكفير له ضوابط معينة سبق لنا ذكرها بالفتوى رقم: 721.
الثاني: أن سكن المرأة مع أسرة مسلمة صالحة تراعي حدود الله لا حرج فيه.
والله أعلم.