عنوان الفتوى : كيف تتصرف الأم لتقنع ابنها بعدم طلاق زوجته التي تفتعل المشاكل معهم ؟
ابني متزوج منذ 6 سنوات ، ولديه ابن ، كلنا نعيش في منزل واحد ، وهو منزلي ، يدفع تكاليف معيشتي ابني هذا ، وكذلك بناتي الأربعة حيث إني ربة منزل وأرملة ، منذ أكثر من 30 سنة ، وليس لي معيل بعد الله سوى أبنائي وبناتي . مشكلتي هي مع زوجة ابني ، حيث إنها لا تطيقني دون سبب يذكر، لا تتحدث إلي أبدا ، حتى إنها لا ترد السلام !! حاولت التحدث إليها في بدايات زواجهما وسألتها إن كان قد بدر مني سوء أو رأت مني ما تكرهه ؟ لكنها تنظر إلي وتقول لم تفعلي شيئا ، وأنا أتحدث إليك دائما. إحدى بناتي لم تتزوج بعد وتسكن معي، ويشهد الله علي بأن ابنتي هذه ملتزمة جدا ورائعة التعامل معها، حتى أنها هي من تربي ابنهما لكثرة إهمال زوجة ابني بابنها . الحمد لله على كل حال ، لكني أخاف من زوجة ابني ، هي تفتعل مشاكل ليست موجودة ، تخبر كل من تعرف ومن لا تعرف بأني ظالمة ، والشكوى لله ، لكنها تظلمني بقولها هذا ، والله يشهد على ما أقول ، كنت أتوق إلى زوجة ابن تكون صديقة لي مثل بناتي ، لكنها تعاديني ، وقد أصبحت أتهرب من ابني ، حتى لا تنهال هي علي بالكلام الجارح أو التقول علي . زوجة ابني كانت تعيش في بريطانيا ، وجوازها هي وابنها بريطاني ، وهي الآن سافرت إلى بريطانيا ، وتفتعل المشاكل من هناك مع ابني قائلة إنها لا تريده ، وهي غير سعيدة معه لأنه يجالسني !! ابني لا يريد أن يقاطعني ، لكني لا أريد أن أكون سببا في خراب منزله ، وطلبت منه أن يرجعها ، وأن أعيش في منزل لوحدي لكن ابني رفض . فهل علي إثم بما يجري ؟ لا زلت أطلب من ابني أن يعيد زوجته وابنه لكنه يرفض ، وقد بحث في إجراءات الطلاق ، وهو ذاهب لتطليقها ، أنا لا أريد له الطلاق ، لكني أيضا أريده سعيدا ، وهو ليس بسعيد معها ، وأرى أني سبب ، مع أني لست بسبب . كان بإمكان ابني أخذ منزل بجواري ، والعيش منفصلين متجاورين ، لكنه رافض أي فكرة بالعيش مفترقا عني . كيف أشرح له أن ما أطلب منه هو ما أريده ؟ وأنه استقرار له أيضا .
الحمد لله
بداية ، نود أن ننوه بخلقك الكريم تجاه زوجة ابنك رغم إساءتها وظلمها المستمر لك ،
وكذا حرصك على أن يبقى شمل ابنك مجموعا، وبغضك لطلاقهما رغم كل المشاكل المفتعلة من
طرف زوجته.
ونود أن يكون الكلام هنا في مقامين :
الأول :
أنه كان اللجوء إلى حل انفصال المعيشة بينكما : حلا مناسبا ، من أجل الحفاظ على
أسرة قائمة من حيث الأصل ، والحفاظ على وضعية الطفل الصغير بينهما ، وليس في مثل
هذا مجافاة لأصول الشرع ، ولا للأعراف المجتمعية ، ما دام الابن يعرف حق أمه عليه ،
في البر ، والنفقة ، والصلة ، وسائر ما يلزمه تجاهها ، خاصة إذا كان المنزل قريبا ،
يسهل عليه أمر الصلة والمودة ، وقضاء وقت مناسب مع والدته ، وأخته .
كان هذا حلا مناسبا ، لو كان الابن قد حاول أن يتعامل مع المشكلة بشيء من الواقعية
، والعقلانية ، لكن يبدو أن عاطفته تجاه أمه أكبر من مثل هذا النظر ، أو أن حجم
المشكلات ، وصعوبة العيش بينهما ، أصعب مما يبدو من عرض والدته للمشكلة ، أو مما
تعرفه هي ؛ فربما كان في الأمر ما بينهما ، ما يحول دون دوام العشرة ، ووصول
العلاقة إلى مثل هذا الطريق المسدود .
الثاني :
أما وقد وصل الأمر إلى ما وصل إليه ؛ فليس من المناسب أن تظلي في تحميل نفسك ما لا
تطيقينه ، والعيش في حالة من جلد الذات ، وتحميلها وزر غيرها ؛ فما دمت قد اتقيت
الله في شأن زوجة ابنك ، ولم تسعي إلى ظلمها أو أذاها ، أو الإفساد بينها وبين
زوجها ، لكن هي من جلبت ذلك بسوء تصرفها ؛ فلا عليك مما يكون بعد ذلك ، خاصة وقد
حاولت إثناء ابنك عن قراره ، فأبى ، ومن يدري لعله أن يكون في مثل هذا الافتراق خير
له ، ولها ؛ قال الله تعالى : ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ
سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) النساء/130 .
على أننا نرجو أن تنبهي ولدك إلى أهمية مراعاة مستقبل ابنه ، وألا يتركه مع أمه ،
فليحاول أن يضمه إلى حضانته ، قدر المستطاع ، ولو بالحيلة : أن يستدرجها معه إلى
بلدكم ، حيث يمكنه أن يضم حضانة ابنه إليه ، أو أن يبحث عن مخرج قانوني لمثل ذلك .
وينظر جواب السؤال رقم : (141628)
، ورقم : (83778) .
نسأل الله أن يقر عينك بابنك ، وأن يختار له ما فيه خيره ، وأن يسعده ، ويسعدك به .
والله أعلم .