عنوان الفتوى : هل تجوز مباهلة من ينكر الحديث الصحيح ؟
هل يجوز مباهلة من ينكر الحديث الصحيح ؟
الحمد لله
أولا :
اتفق أهل العلم على أنَّ مَن أنكر حجية السنة بشكل عام ، أو كذَّبَ حديث النبي صلى
الله عليه وسلم - وهو يعلم أنه من كلامه صلى الله عليه وسلم – فهو كافر .
راجع لمعرفة حكم من يرد الحديث الصحيح جواب السؤال رقم : (115125)
.
ثانيا :
المباهلة مشروعة لإحقاق الحق وإبطال الباطل ، عند إصرار المخالف المعاند على باطله
.
قال ابن القيم رحمه الله :
" السُّنَّةَ فِي مُجَادَلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِمْ حُجَّةُ
اللَّهِ ، وَلَمْ يَرْجِعُوا ، بَلْ أَصَرُّوا عَلَى الْعِنَادِ : أَنْ
يَدْعُوَهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَة ِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ
رَسُولَهُ ، وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِأُمَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ،
وَدَعَا إِلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ لِمَنْ أَنْكَرَ
عَلَيْهِ بَعْضَ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ ،
وَدَعَا إِلَيْهِ الْأَوْزَاعِيُّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فِي مَسْأَلَةِ رَفْعِ
الْيَدَيْنِ ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْحُجَّةِ "
انتهى من "زاد المعاد" (3/ 561-562) .
وقال ابن حجر رحمه الله في فوائد قصة أهل نجران :
" وَفِيهَا : مَشْرُوعِيَّةُ مُبَاهَلَةِ الْمُخَالِفِ إِذَا أصر بعد ظُهُور
الْحجَّة ، وَقد دَعَا ابن عَبَّاسٍ إِلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ الْأَوْزَاعِيُّ ،
وَوَقَعَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ .
وَمِمَّا عُرِفَ بِالتَّجْرِبَةِ : أَنَّ مَنْ بَاهَلَ وَكَانَ مُبْطِلًا ، لَا
تَمْضِي عَلَيْهِ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ الْمُبَاهَلَةِ ، وَوَقَعَ لِي ذَلِكَ مَعَ
شَخْصٍ كَانَ يَتَعَصَّبُ لِبَعْضِ الْمَلَاحِدَةِ ، فَلَمْ يَقُمْ بَعْدَهَا
غَيْرَ شَهْرَيْنِ " .
انتهى "فتح الباري" (8/ 95) .
لكن ينبغي أن ننتبه إلى عظم
ذلك الأمر ، وأن المباهلة ليست من ترف القول أو الفعل ؛ بل هو مقام عظيم ، لا يصلح
أن يتصدى له إلا من كان عالما بذلك المقام ، من أهل العلم والدين ، ثم يكون ذلك في
أمر مهم ، يرجى من ورائه حصول خير عام ، أو دفع شر وضرر ، أو فتنة ، أو شبهة في
الدين .
وإنما الشأن العام : أن يُنصح المخالف ، ويؤتى له بالأدلة ، وبكلام العلماء ،
ويُستأنى في أمره ، ويُصبر عليه ، ويُدعى له بالهداية .
ولذلك : لم يحصل هذا الأمر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة ، ولا
تكاد تحصل في حياة العالم إلا في القليل النادر ، ومن الأئمة والعلماء والدعاة
والمصلحين : من يمر عليهم العمر كله ، ولا تحصل له المباهلة .
فإن كان من ينكر الحديث الصحيح وينكر حجيته من رءوس البدع والضلالة وممن يجالَس ويُسمع له ، ويخشى منه إفساد الشباب ونشر البدعة ، فمثل هذا يجادله العلماء ويخاطبه العقلاء وتقام عليه الحجة ، فإن تمادى في غيه ، وخُشي منه على الناس وخاصة الشباب أن يفتنهم ، فرأى العلماء أن دعوته للمباهلة فيها دفع لفساده وحماية للناس من فتنته ، فلهم أن يباهلوه .
راجع لمعرفة شروط المباهلة
جواب السؤال رقم : (159581)
.
وللمزيد عن الكلام عنها راجع جواب السؤال رقم : (132473)
.
والله تعالى أعلم .