عنوان الفتوى : جددت عقد نكاحها لكونها انتقصت من الله ورسوله جهلا
أرجو أن تتسع صدوركم لرسالتي: أنا امرأة متزوجة من حوالي 12 سنة، في بداية الزواج لم أكن ملتزمة بديني كثيرا، وبفضل الله من حوالي خمس سنوات التزمت بشكل واضح، وتنقبت، وبدأت في حفظ القرآن، وأصبحت أبحث في الدين، وأتمحص في أحكامه حتى تنبهت إلى بعض الأمور التي كنت أجهلها سابقا والتي أحتاج فيها إلى الفتوى للبت فيها، كنا في المدرسة نتداول النكات التي فيها والعياذ بالله انتقاص بالله ورسوله، علما بأني لم يكن يخطر ببالي أني بهذا قد أكفر؛ لأن ثقافتي في الكافر أنه من يسب الله أو الدين، وفي مرحلة الجامعة تعرفت على صديقة كانت تكثر من قول: ينعن حرمك. على سبيل المداعبة، وكنت أضحك معها باستمرار في ذلك. وأذكر أنني مرة ذكرت، أو ذكر أمامي أن الحرم هو المسجد الحرام، ومع هذا لم يخطر في بالي أن هذا قد يكون من الكفر، وفي تلك الفترة عقد قراني وبعد ذلك يغلب على ظني أني قلت تلك العبارة: (ينعن حرمك) على سبيل الضحك مع زوجي، ولا أعلم إن كنت أيضا قلتها قبل عقد القران أم لا ، غفر الله لي، وفي فترة التزامي كنت قد تركت ذلك وما هو دونه بكثير بفضل الله، مع العزم على عدم العودة للمعاصي، لكن لا أعلم إن كان قد تحقق لدي شرط الندم على كل ما فات لتتحقق التوبة، مع العلم أني أجهل شروط التوبة، ومع العلم أيضا أني كنت أبكي من خوفي من الله دون أن أذكر الماضي؛ لأني مررت بخوف شديد منعني من الاندماج في الحياة، ومن الأكل حوالي 12 يوما إلا القليل أثناء قراءتي لكتاب التذكرة للقرطبي فيما يتعلق بأهوال الآخرة، وهذا كان سبب التزامي، وبعدها عانيت من الوسواس القهري بكل أشكاله تقريبا، وبعد التزامي علمت أن تارك الصلاة كافر كفرا أكبر على المذهب الحنبلي؛ ولأني كنت أقطع في صلاتي قبل الزواج، فقد طلبت من والدي تجديد عقد النكاح، وبعد الإلحاح نفذ ذلك بوجود شاهدين وحضرت ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تداول النكات التي يكون فيها انتقاص لله ورسوله، فإن هذا كفر بالله تعالى، قال سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ {التوبة:65}، ولا يجوز المزاح في مثل هذا الأمر، ولا يقبل فيه دعوى الجهل ممن يعيش بين المسلمين. والغفلة وعدم المبالاة بهذا الأمر شأنها خطير وعاقبتها وخيمة. روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم.
وبالنسبة لقول:" يلعن حرمك " فإن اللعن أمره خطير كذلك، فلا يجوز للمسلم أن يلعن ما لا يستحق اللعن، فربما رجعت اللعنة إلى قائلها؛ كما ثبتت بذلك السنة الصحيحة؛ وراجعي الفتوى رقم: 31024.
وترك الصلاة كسلا من غير جحود مختلف فيه، ومذهب الحنابلة -كما ذكرت- أنه مخرج من الملة. والجمهور على خلاف ذلك وقولهم قوي وله اعتباره. وانظري الفتوى رقم: 140588 والفتوى رقم: 68656.
وقد أحسنت حين استقمت وعزمت على عدم العودة لتلك المنكرات، ونرجو أن تكون باقي شروط التوبة من الندم وغيره متحققة. وبما أنك قد سلكت سبيل الاحتياط وقمت بتجديد عقد النكاح، فاستأنفي حياتك كأن شيئا لم يكن، ولا تلتفتي إلى أي وساوس، فإنها قد يتطور أمرها ويترتب عليها ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.