عنوان الفتوى : الأصل: حل ذبائح أهل الكتاب إلا إذا عُلم الواقع من ذبائحهم
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ/ س. ن. ذ. وفقه الله لكل خير، آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد وصلني كتابكم الكريم المتضمن الأسئلة الأربعة -وصلكم الله بهداه، ومنحني وإياكم وسائر المسلمين الفقه في دينه، والثبات عليه- وهذا نصها وجوابها: السؤال الأول: ذكرتم أنكم أحجمتم عن أكل اللحوم بأنواعها؛ لاعتقادكم بأنها لا تذبح على الطريقة الإسلامية، ولا على طريقة أهل الكتاب اليهود والنصارى؛ أي لا يذكر اسم الله عليها، وتسألني هل أكلها حلال أم حرام؟
والجواب: قال الله سبحانه: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ الآية [المائدة: 5].
هذه الآية أوضحت لنا أن طعام أهل الكتاب مباح لنا -وهم اليهود والنصارى- إلا إذا علمنا أنهم ذبحوا الحيوان المباح على غير الوجه الشرعي، كأن يذبحوه بالخنق أو الكهرباء أو ضرب الرأس ونحو ذلك، فإنه بذلك يكون منخنقًا أو موقوذًا؛ فيحرم علينا، كما تحرم علينا المنخنقة والموقوذة التي ذبحها مسلم على هذا الوجه.
أما إذا لم نعلم الواقع، فذبيحتهم حلٌ لنا عملًا بالآية الكريمة، وإليكم جوابًا قد صدر منا بالموضوع للاستفادة منه.
أما كونهم لا يذكرون اسم الله على الذبيحة، فهذا من جملة جهلهم، فلا يمنع حل ذبيحتهم، كالمسلم إذا نسي التسمية، أو جهل حكمها عند الذبح؛ لقول الله سبحانه: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286]، وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه لما تلا هذه الآية قال: قال الله: قد فعلت[1] وقال تعالى في سورة الأحزاب: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب:5]، وروي عن النبي ﷺ أنه قال: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه خرجه ابن ماجه[2]، والحاكم، وفي إسناده ضعف، ولكن شواهده كثيرة[3].
--------------------
أخرجه مسلم برقم 180 (كتاب الإيمان). أخرجه ابن ماجه برقم 2035 (كتاب الطلاق)، باب (طلاق المكره والناسي). نشر في (مجلة الجامعة الإسلامية) بالمدينة المنورة، وأكتفي بالسؤال الأول فقط دون غيره لعلاقته بالكتاب. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 23/7).