عنوان الفتوى : فتاة تريد أن تسلم وتخفي إسلامها ، فكيف تتعامل مع الصلاة والحجاب وأكل لحم الخنزير ؟
فتاة تريد أن تسلم ، وتعيش مع أسرة نصرانية يأكلون الخنزير ، فهل تأكل معهم إن أسلمت سرا ؟ فكيف تسلم وتصلى وتلبس الحجاب ؟
الحمد لله.
أولاً :
نسأل الله أن يكتب لتلك الفتاة الهداية إلى دينه ، وأن يشرح صدرها للإسلام إنه ولي ذلك والقادر عليه .
ثانياً :
الدخول في الإسلام ليس بالأمر الصعب – والحمد لله - ، فمن أراد الدخول في الإسلام ، فما عليه إلا أن ينطق بالشهادتين : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله .
فإذا فعل ذلك ، فقد دخل في الإسلام ، وأصبح مسلماً ؛ له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم .
ثالثاً :
الأصل أن من دخل في الإسلام ، فإنه مطالب بجميع شرائع الدين من فعل الأوامر واجتناب النواهي ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) البقرة / 208 .
قال ابن كثير رحمه الله : " يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين به المصدّقين برسوله : أنْ يأخذوا بجميع عُرَى الإسلام وشرائعه ، والعمل بجميع أوامره ، وترك جميع زواجره ، ما استطاعوا من ذلك " انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 1 /565) .
وعلى ذلك : فإذا أسلمت تلك الفتاة ، يلزمها جميع الواجبات ، ومنها أداء الصلاة ، ولبس الحجاب ، كما يلزمها اجتناب جميع المحرمات ، ومنها أكل لحم الخنزير .
فإذا لم تستطع فعل شيء من ذلك ، أو عجزت عن فعل ذلك كله ، وخافت على نفسها الضرر والأذى ، وأن يفتنوها عن دينها ، ويردوها عنه : ففي هذه الحال يجوز لها أن تكتم إسلامها ، وأن تؤدي ما أمكنها من الواجبات ، وتترك ما تتمكن من تركه من المحرمات ؛ وما عجزت عنه ، فهو في محل العفو من الرحمن الرحيم ، إن شاء الله .
ففي مسألة الصلاة ، إذا لم تستطع فعل كل صلاة في وقتها ، فلها أن تجمع بين الصلاتين : فتصلي الظهر والعصر معا ، والمغرب والعشاء معا ، وتصلي الصبح في وقتها منفردة ؛ فإذا عجزت عن ذلك ، صلت ما استطاعت من الصلوات في وقتها ، والباقي تصليها عند قدرتها على صلاته ، حتى ولو كان وقتها قد خرج ، وحتى لو اضطرت إلى أن تصلي الصلوات الخمس في وقت واحد مجموعة ، إذا خلت بنفسها ، وأمنت من أعين الرقباء .
وقد سبق بيان كيفية صلاة من أسلم ولم يستطع إظهار دينه ، فينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (165426) ، وجواب السؤال رقم : (100627) .
وأما لبس حجاب ، فإذا عجزت عنه الفتاة ، اجتهدت في لبس أقرب الملابس إليه ، مما لا تخاف معه أذى ، وتستر ما أمكنها ستره من بدنها وشعرها ، وما عجزت عنه ، فالله عفو كريم ، لكن ينبغي عليها أن تجتهد وتقلل من الخروج من بيتها إلا لحاجة .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (166604) .
وهكذا ، تجتهد في ترك أكل لحم الخنزير ، بحسب قدرتها ، فتأكل غيره ، أو توهمهم بأنها لا تشتهيه ، أو نحو ذلك من الأعذار التي يمكن أن تكون مقبولة ، أو لا توقعها في صدام مع أهلها ومن حولها .
وقبل ذلك كله ، ومع ذلك كله ، وبعد ذلك كله : تستعين بالله جل جلاله ، أن يثبتها على دينه ، ويصرف عنها الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يجعل لها فرجا ومخرجا .
والله أعلم .