عنوان الفتوى : ما المقصود بقوله عليه الصلاة والسلام : ( يقال لقارئ القرآن : اقرأ وارتق ورتل .. الحديث )؟
ماذا يعني هذا الحديث ؟ قال رسول الله صلي اله عليه وسلم : ( يقال لقارئ القرآن : اقرأ ورتل وارتق كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها ) رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " . هل يعني ذلك الحديث أنني سأكون في أقل درجات الجنة منزلة ، بسبب أنني أعجمي ولا أستطيع قراءة القرآن ؟
الحمد لله
أولاً :
روى الترمذي (2914) وأبو داود (1464) واللفظ له ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ :
اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ ، كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ
مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ) .
قال الشيخ محمد شمس الحق
العظيم آبادي رحمه الله : " ( يُقَالُ ) : أَيْ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّة (
لِصَاحِبِ الْقُرْآن ) : أَيْ مَنْ يُلَازِمُهُ بِالتِّلَاوَةِ وَالْعَمَل ، لَا
مَنْ يَقْرَؤُهُ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ ( اِقْرَأْ وَارْتَقِ ) : أَيْ : إِلَى
دَرَجَات الْجَنَّة أَوْ مَرَاتِب الْقُرَبِ ( وَرَتِّلْ ) : أَيْ لَا تَسْتَعْجِلْ
فِي قِرَاءَتِك فِي الْجَنَّة ... ، ( كَمَا كُنْت تُرَتِّلُ ) : أَيْ : فِي
قِرَاءَتِك ( فِي الدُّنْيَا ) .
وَيُؤْخَذ مِنْ الْحَدِيث :
أَنَّهُ لَا يُنَالُ هَذَا الثَّوَاب الْأَعْظَم ، إِلَّا مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ،
وَأَتْقَنَ أَدَاءَهُ وَقِرَاءَتَهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ " انتهى بتصرف يسير من "
عون المعبود شرح سنن أبي داود " (4/237) – ترقيم الشاملة - .
وقد سبق في جواب السؤال رقم
: (169485)
الكلام على أن المقصود بالفضل الوارد في الحديث السابق ، إنما هو لحافظ القرآن
العامل بما فيه ، فينظر في الإحالة للفائدة .
ثانياً :
الحديث السابق في فضل صاحب القرآن ، لا يعني أن من لم يحفظ القرآن سيكون في أقل
درجات الجنة منزلة ، بل الحديث يدل على فضل خاص ، لعمل خاص من الأعمال ، ولا يدل
على أن الدرجات العالية لا ينالها إلا من حفظ القرآن ، أو قرأه ؛ فأكثر أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم لم يكونوا حفاظا لكتاب الله ، حفظ القراءة والترتيل ، وإن كانوا
حفاظا للعمل به ؛ فمن فاته هذا الأجر الخاص ، والفضيلة الخاصة ، كان بإمكانه أن
يجتهد فيما يسره الله له من الفضائل ، من صلاة وتهجد وقيام ، أو زكاة وصدقة ، أو
صوم بالهواجر ، أو ملازمة لذكر الله ، أو قضاء لحوائج الناس ... أو ما شاء الله من
أبواب الخير والهدى .
روى البخاري (3256) ومسلم (2831) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ
مِنْ فَوْقِهِمْ ، كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي
الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ ؛ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ ،
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا
غَيْرُهُمْ ؟ قَالَ : بَلَى ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا
بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ ) .
وروى مسلم (251) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا ، وَيَرْفَعُ بِهِ
الدَّرَجَاتِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : إِسْبَاغُ
الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ ،
وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ ) .
وللفائدة ينظر جواب السؤال
رقم : (27075) .
والله أعلم .