عنوان الفتوى : من أسباب الجفاف ومنع القطر
أصابنا جفاف منذ مدة، فما هو السبب؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهناك عدة أسباب للجدب والقحط الذي يصيب الناس أهمها:
1- عدم تحقيق الإيمان والتقوى، قال الله تعالى:وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأعراف:96]. وقال تعالى:وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].
2- ظلم العباد بعضهم لبعض وعدم التراحم فيما بينهم، لما رواه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
3- قطيعة الأرحام، لما رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه.
4- منع الزكاة ونقص المكيال والميزان، لما رواه ابن ماجه وحسنه الألباني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا...
5- انتشار الفساد، كما قال الله تعالى:ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41]. وفساد البر والبحر هو قلة خيراتهما وما فيهما من أسباب الرزق والمعيشة، وسبب فسادهما هو فساد العباد وسوء أعمالهم، إلى غير ذلك من الأسباب المانعة من الرحمة وبركات الأرض والسماء.
وينبغي التنبيه هنا إلى أمر يثيره بعض الناس وهو أن في بلاد الكفار تكثر الأمطار وتسهل أسباب المعيشة، وتتعسر في كثير من بلاد المسلمين؟ والجواب على هذا هو أن الله تعالى عجل لهؤلاء متعتهم في الدنيا ليفتنهم بها، كما قال تعالى:وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه:131].
وفي صحيح البخاري أن عمر رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع الله فليوسع على أمتك، فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله، وكان -أي رسول الله- متكئاً فقال: أو في شك أنت يا ابن الخطاب؟!! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا. انتهى.
مع العلم أن هؤلاء وإن ملكوا القصور العالية والمراكب الفارهة وغير ذلك فقلوبهم في ضيق ونكد، كما قال الله:وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طـه:124].
والله أعلم.