عنوان الفتوى : حكم العمل في محل يقتضي حلق اللحية
إذا أردت أن أعمل بعمل يقتضي مني حلق اللحية، فماذا أعمل؟
الجواب: يقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: إنما الطاعة في المعروف[1]. ويقول عليه الصلاة والسلام: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق[2].
فعليك أن تتقي الله، وأن لا توافق على هذا الشرط، وأبواب الرزق كثيرة بحمد الله وليست مغلقة، بل مفتوحة، والله يقول: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2].
وأي عمل يشترط فيه معصية الله فلا توافق عليه سواء كان هذا العمل في الجندية أو في غير ذلك من الأعمال، فاترك ذلك العمل والتمس عملًا آخر بما أباحه الله ، ولا تتعاون على الإثم والعدوان؛ لأن الله يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، نتمنى لك ولنا التوفيق بإذن الله.
والواجب على ولاة الأمور وعلى جميع المسئولين في الدول الإسلامية، أن يتقوا الله، وأن لا يلزموا الناس بما حرم الله عليهم، وأن يحكموا شريعة الله في كل ما يأتونه ويأمرون به؛ لأن الله يقول سبحانه: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [النساء:65]، ويقول الله : أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]. ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59].
فالواجب طاعة الله ورسوله، وما أشكل من أمور الناس يرد إلى الله ورسوله، فما ذكر الله في كتابه الكريم أو ما في السنة المطهرة عن الرسول ﷺ وجب الأخذ به وتنفيذه.
هذا هو الواجب على المسئولين في مسألة اللحى، وفي مسألة الربا، وفي مسألة الحكم بين الناس، وفي جميع الأمور؛ عليهم أن يحكموا شرع الله، وذلك والله هو طريق عزهم، وطريق نجاتهم، وهو طريق سلامتهم في الدنيا والآخرة، ولن يبلغوا العز الكامل ورضاء الله التام، إلا بطاعته واتباع شريعته. نسأل الله لنا ولهم التوفيق لما يرضيه[3].
--------------------
رواه البخاري في (الأحكام)، باب (السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية)، برقم: 7145، ومسلم في (الإمارة)، باب (وجوب طاعة الأمراء في غير معصية)، برقم: 1840. رواه الإمام أحمد في (مسند العشرة المبشرين بالجنة)، بلفظ: ("لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل")، في (مسند علي بن أبي طالب)، برقم: 1098، وذكره ابن أبي شيبة في مصنفه في (الجهاد)، باب (في إمام السرية يأمرهم بالمعصية)، برقم: 29452، وفي (مسند الشهاب)، برقم: 872، ج2، ص: 55. نشر في كتاب (فتاوى إسلامية)، من جمع الشيخ/ محمد المسند، ج4، ص: 320. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 19/ 345).