عنوان الفتوى : المكانة العالية لصحيح الإمام البخاري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهالبعض من الشباب يريد إثبات أن أحاديث البخاري التي بين أيدينا الآن هي فعلاً من أصلها ولم تحرف وحجتهم أن البخاري كان بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بوقت كبير فقد تكون حرفت الأحاديث ولم يجدوا من يكتشف هذا التحريف. فبرجاء إفادتي عن كيفية الرد على هذه الأقوال من الشباب ولكم الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تكفل الله تعالى بحفظ الشريعة كلها كتابها وسنتها، كما دل عليه قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة:32].
ونور الله شرعه ودينه الذي ارتضاه لعباده وكلفهم به، ولهذا عني الصحابة بحفظ السنة، حيث كانت صدورهم لها أوعية فأدوها كما سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها " كما في المستدرك، وصحيح ابن حبان والسنن، ثم تلقاها منهم التابعون، وهكذا ظلت محفوظة في صدور الرجال إلى أن جاء عصر أئمة الحديث فاعتنوا بالبحث فيها من حيث أسانيدها ومتونها مما يتوقف عليه قبولها أو ردها، وكان من أثر هذه العناية ما نقل إلينا من التثبت البالغ والاحتياط الشديد في قبول الروايات، وتدوينها وصيانتها من أن يتطرق إليها الكذب أو الغلط أو الخطأ، حيث وضعوا شروطاً وضوابط لقبول الرواية هي: الإسلام والعدالة والضبط، وقد نشأ عن هذا ثروة هائلة في نقد الرجال، وهذه ميزة حبى الله بها هذه الأمة حتى تحفظ دينها صافياً من غير شائبة.
وقد كان للبخاري رحمه الله تعالى المكانة العليا في ذلك بين أئمة الحديث حفظاً ودراية حتى أقر له بهذا علماء عصره والقرون اللاحقة، حيث جعلوا كتابة الجامع الصحيح في أعلى درجات الصحة.
ومن هذا يتبين للسائل وغيره أن كتاب البخاري المشار إليه أحاديثه كلها صحيحة، لأنها نقلت عن طريق الثقات المبرزين في الضبط والعدالة، حتى وصلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.