عنوان الفتوى : حكم مخالفة أمر المدرس في أمر لا يشوش على الحاضرين
هل حرام أن أعصي المعلمة أو الدكتورة. مثال: لو قالت الدكتورة لا أحد يفتح جواله، لكني فتحته لحاجة إما لأرى الساعة، أو أي رسالة مهمة، أو أي مكالمة من والدي أو أمي أو أي شخص مهم، أو حتى للتسلية. هل فعلي حرام لأني بهذا عصيت الدكتورة رغم أني لم أفعل محرما، ورغم أني لم أقطع لها وعدا بعدم فعل ما ذكرت، رغم أنها ليست خطبة جمعة. ما الحكم في ذلك مع الدليل؟ جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيتأكد تقدير واحترام المدرسة ولاسيما إن كانت من أهل العلم والقرآن. ففي الحديث: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط. رواه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني، وفي الحديث: ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه. رواه أحمد وحسنه الألباني.
وقد قال ابن جماعة في آداب الطالب مع شيخه: الثامن: أن يجلس بين يدي الشيخ جلسة الأدب، كما يجلس الصبي بين يدي المقرئ، أو متربعاً بتواضع وخضوع وسكون وخشوع، ويصغي إلى الشيخ ناظراً إليه، ويقبل بكليته عليه متعقلاً لقوله، بحيث لا يحوجه إلى إعادة الكلام مرة ثانية، ولا يلتفت من غير ضرورة، ولا ينفض كمه، ولا يحسر عن ذراعيه، ولا يعبث بيديه أو رجليه، ولا يضع يده على لحيته أو فمه، أو يعبث بها في أنفه، أو يستخرج بها منه شيئاً، ولا يفتح فاه، ولا يقرع سنه، ولا يضرب الأرض براحته، أو يخط عليها بأصابعه، ولا يشبك يديه أو يعبث بإزاره، ولا يستند بحضرة الشيخ إلى حائط، أو مخدة، أو يجعل يده عليها أو نحو ذلك، ولا يعطي الشيخ جنبه أو ظهره، ولا يكثر كلامه من غير حاجة، ولا يحكي ما يضحك منه وما فيه بذاءة، أو يتضمن سوء مخاطبة أو سوء أدب، ولا يضحك لغير عجب، ولا لعجب دون الشيخ، فإن غلبه تبسم، تبسم من غير صوت، ولا يكثر التنحنح من غير حاجة، ولا يبصق ولا يتنخع ما أمكنه، ولا يلفظ النخامة من فيه، بل يأخذها من فيه بمنديل أو خرقة أو طرف ثوب، ويتعاهد تغطية أقدامه وسكون يديه عند بحثه، أو مذاكرته، وإذا عطس خفض صوته جهده، وستر وجهه بمنديل أو نحوه، أو إذا تثاءب ستر فاه بعد رده جهده... قال بعضهم: ومن تعظيم الشيخ أن لا يجلس إلى جانبه ولا على مصلاه أو وسادته، وإن أمره الشيخ بذلك فلا يفعله إلا إذا جزم عليه جزماً يشق عليه مخالفته، فلا بأس بامتثال أمره في تلك الحال ثم يعود إلى ما يقتضيه الأدب. انتهى.
وما ذكره الشيخ من الآداب مع الشيخ من خفض صوت عنده، وإقبال بالكلية عليه، من أعظم أسباب الاستفادة، ولا يثبت به الوجوب الشرعي الذي يعتبر مخالفه عاصيا إلا إذا حصل الضرر المعتبر للدارسات بالكلام، فإنه يكون معصية لحرمة الإضرار بالناس كما يفيده حديث :لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك.
وأما مجرد فتح الجوال من غير كلام فيه بل لنظر الوقت فليس فيه معصية، لأنه لا يخل بالدرس، وليس فيه كلام يشوش على الأخريات، وأما استقبال مكالمة أحد الوالدين فينبغي الاستئذان من الدكتورة بأدب، والخروج من الفصل حتى يحصل الجمع بين إجابته وبين عدم المخالفة لأوامر الدكتورة والإضرار بالطالبات.
وقد قال أحمد بن محمد المقري التلمساني في نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: ومخالفة التلميذ الشيخ في بعض المسائل إذا كان لها وجه ليس من سوء أدب التلميذ مع الشيخ، ولكن مع ملازمة التوقير الدائم ....اهـ.
والله أعلم.