عنوان الفتوى : تَلَفُّظُ الزوج أمام زوجته بالظهار على سبيل الحكاية أو السؤال أو التعليق على النطق به
كنت أشاهد التلفاز أنا وزوجتي ، فسمعنا أحدا يقول شيئا مثل الظهار ، فقالت لي زوجتي : يوجد شيء في الدين اسمه الظهار ؛ كأن تقول لي : أنت علي كظهر أمي ، وله حد وتكفير ، وأنا حينذاك لم أكن أعلم ما هو الظهار ، ولا حتى معناه ، أو معنى كلمه كظهر أمي ؛ فإن زوجتي حينما قالت لي : هناك شيء اسمه ظهار ، لم أكن مصدقا لها ، وكنت سأقولها لها : أنت علي كظهر أمي ، ولكن وأنا في نصف الجملة ( أنت علي ك) ، وفي هذا الجزء من الثانية ، وقبل أن أنتهي من إكمال بقيه الجملة ظهر أمي ، حدثتني نفسي أنه من الممكن أن يكون كلامها صحيحا ، ويكون بالفعل هناك حد اسمه الظهار ، فخفت ولم أدر ما أفعل ، فخرجت من فمي كالتالي ، وبدون توقف بعد أي كلمه ، وقلت : أنت علي كظهر أمي لو أنا قلتها لك هل أكون قد وقعت في شيء ؟ فأجابت نعم ) . فهل أكون بذلك قد وقعت في شيء ؟
الحمد لله
أولا :
ينبغي على المسلم إذا أقدم على عبادة أو معاملة أن يعرف الأحكام الشرعية التي تقيم
عبادته أو معاملته على وجه شرعي صحيح ، كمعرفة أحكام النكاح والطلاق لمن أراد
الزواج ، ومعرفة أحكام البيوع لمن أراد أن يعمل بالتجارة ، ونحو ذلك .
راجع جواب السؤال رقم : (161081) .
ثانيا :
لا يقع الطلاق ولا الظهار من الزوج إلا بالتلفظ به أو ما يقوم مقامه .
قال العيني رحمه الله في "عمدة القاري" (30/121) :
" ليس لأحد خلاف أنه إذا نوى الطلاق بقلبه ولم يتلفظ به أنه لا شيء عليه ، إلا ما
حكاه الخطابي عن الزهري ومالك أنه يقع بالعزم ، وحكاه ابن العربي عن رواية أشهب عن
مالك في الطلاق والعتق والنذر أنه يكفي فيه عزمه وجزمه في قلبه بكلامه النفسي .
وهذا في غاية البعد ، ونقضه الخطابي على قائله بالظهار وغيره ؛ فإنهم أجمعوا على
أنه لو عزم على الظهار لم يلزمه حتى يتلفظ به ، ولو حدث نفسه بالقذف لم يكن قاذفا ،
ولو حدث نفسه في الصلاة لم يكن عليه إعادة ، وقد حرم الله الكلام في الصلاة ، فلو
كان حديث النفس في معنى الكلام لكانت صلاته تبطل " انتهى .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" الطلاق لا يقع إلا بالتلفظ به أو كتابته ، أما مجرد نية الطلاق وحديث النفس به
فلا يقع بذلك طلاق ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تجاوز لي عن أمتي ما
حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) متفق على صحته " انتهى من "فتاوى اللجنة
الدائمة" (20 / 211) .
راجع لذلك إجابة السؤال رقم : (81726) .
ثالثا :
إذا قال لزوجته " أنت طا " ثم أمسك ولم يكمل ، وكذا لو قال " أنت عليّ كـ " ثم أمسك
ولم يكمل ، فليس عليه شيء .
قال ابن نجيم رحمه الله :
" وَلَوْ حَذَفَ اللَّامَ، وَالْقَافَ بِأَنْ قَالَ " أَنْتِ طَا " وَسَكَتَ ، أَوْ
أَخَذَ إنْسَانٌ فَمَه لَا يَقَعُ ، وَإِنْ نَوَى لِأَنَّ الْعَادَةَ مَا جَرَتْ
بِحَذْفِ حَرْفَيْنِ مِنْ آخِرِ الْكَلَامِ " انتهى من "البحر الرائق" (3/ 274) .
وفي أحكام الحذف تفصيل يراجع في كتب المذاهب الفقهية .
رابعا :
قولك لامرأتك :
" أنت علي كظهر أمي لو أنا قلتها لك هل أكون قد وقعت في شيء ؟ " ليس عليك فيه شيء
الآن ؛ لأن الظاهر أنه تعليق للظهار بقول هذا لزوجتك ؛ فكأنك تقول لها : لو ظاهرت
منك ، فأنت علي حرام ... ، وهذا أشبه باللغو ، لأنه من المعلوم أنه إذا ظاهر منها ،
كانت عليه حراما .
وهكذا إذا قدر أن الكلام قد خرج على وجه السؤال ؛ فمن خرج كلامه في الطلاق والظهار
لزوجته على سبيل البيان والتوضيح أو على سبيل الاستفهام والسؤال أو الحكاية ولم
يقصد بذلك طلاقا أو ظهارا فليس عليه شيء .
راجع جواب السؤال رقم : (177733) .
خامسا :
الظهار محرم ؛ لأنه منكر من القول وزور ، قال تعالى : ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ
مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا
اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً
) المجادلة/2.
فلا يجوز للرجل أن يظاهر من امرأته ، لا معلقا ، ولا منجزا .
فإن ظاهر منها وجبت عليه التوبة والكفارة .
راجع لمعرفة كفارة الظهار جواب السؤال رقم : (50305) ، (121556) .
وراجع لمعرفة حكم مشاهدة التلفاز جواب السؤال رقم : (3633) .
والله تعالى أعلم .