عنوان الفتوى : خدمة المرأة ضيوف زوجها في منظار الشرع
أنا متزوجة وعندي أطفال وقد نفد صبري في استقبال الضيوف كل عام ولم أجد راحة البال مع زوجي ولا في بيتي مع أن لهم بيتا خاصا بهم هنا، أفتوني جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود أن هؤلاء الضيوف يأتون إليكم ويقيمون معكم في المسكن مدة طويلة فمن حقك الاعتراض على ذلك، لأن المسكن المستقل حق للزوجة، كما بيناه في الفتوى رقم: 80603.
وأما إن كان المقصود أنك تشتكين من القيام بخدمة الضيوف، ففي وجوب خدمة ضيوف الزوج خلاف بين أهل العلم فعلى قول من يرى عدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها لا يجب عليها خدمة ضيوفه بالأحرى، وقد نص المالكية على عدم وجوب خدمة الضيوف حتى في الحال التي يوجبون فيها على الزوجة خدمة زوجها، ففي الشرح الكبير للشيخ الدردير: ....وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ أَوْ كَانَتْ أَهْلًا، وَالزَّوْجُ فَقِيرٌ فَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ وَلَوْ غَنِيَّةً ذَاتَ قَدْرٍ مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ وَطَبْخٍ لَهُ لَا لِضُيُوفِهِ.
وفي شرح مختصر خليل للخرشي: أَيْ لَهُ وَلَهَا لَا لِضُيُوفِهِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا الْخِدْمَةُ لِأَوْلَادِهِ وَعَبِيدِهِ وَوَالِدَيْهِ.
ويرى بعض أهل العلم وجوب خدمة الضيوف بالمعروف، قال العيني رحمه الله: وفِيه: أَن الْوَلَد والأهل يلْزمهُم من خدمَة الضَّيْف مَا يلْزم صَاحب الْمنزل.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن امرأة يطلب منها زوجها في بعض ليالي رمضان صنع الطعام لضيوفه وهي عندما تقوم بذلك تحس بإرهاق شديد ولا تتمكن من القيام تلك الليلة، فهل يجب عليها طاعته في ذلك لو استمر الحال على ذلك أكثر ليالي رمضان؟ فقال: الواجب أن تعاشر المرأة زوجها بالمعروف، وعلى الرجل أن يعاشر زوجته بالمعروف، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}وليس من المعروف أن يرهق الرجل زوجته في خدمته في مثل هذا الوقت، وعلى تلك الحال، ولكن إن صمم فاللائق بالمرأة أن تطيعه، وإذا تعبت عن القيام وشق عليها فإن الله تعالى يكتب لها ما كانت تنويه وتريده، لأنها إنما تركت ذلك لعذر لتقوم بما يجب عليها من طاعة الزوج فيما يلزم طاعته.
وننبه إلى أن الأصل في علاقة الزوجين التوّاد والتراحم والتفاهم ومراعاة كلٍّ منهما لظروف الآخر.
والله أعلم.