عنوان الفتوى : حكم الالتقاط...والواجب في حق الملتقط
حدث حادث لبراد أسماك ونقل السائق إلى المستشفى هل من حق المواطنين أخذ الأسماك بحجة أنها سوف تخرب بعد ثلاث ساعات ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الشروع في جواب السؤال نبين حكم الالتقاط، حيث ذهب الحنفية والشافعية إلى استحباب أخذ اللقطة، وذهب الحنابلة إلى أن الأفضل عدم أخذها.
وذهب المالكية إلى وجوب أخذها بشرطين:-
الأول : إن خاف على اللقطة من خائن يأخذها.
الثاني : أن لا يعلم خيانة نفسه بأن علم أمانة نفسه أو شك فيها، فإن علم خيانة نفسه حرم عليه أخذ اللقطة سواء خاف عليها خائناً يأخذها أم لا، وإن لم يخف الخائن كره، علم أمانة نفسه أو شك فيها. ذكر ذلك الدسوقي -رحمه الله- في حاشيته.
والخلاصة أن المذاهب الثلاثة (المالكية والشافعية والحنفية) متفقة على أن أخذ اللقطة إن خيف عليها من خائن يأخذها وأمن اللاقط على نفسه من الخيانة أمر مطلوب شرعاً، والطلب به -والحالة هذه- طلب ملزم عند المالكية، وغير ملزم عند الحنفية والشافعية. فالثلاثة في أخذها بين قائل بالوجوب وقائل بالاستحباب.
أما الواجب في حق من أخذ لقطة يسرع إليها الفساد كالفاكهة أو اللحوم والأسماك ونحو ذلك فهو ما بينه العلماء حيث قالوا هو مخير بين أمور:
الأول : أن يبيعها ويحفظ الثمن عنده، ويعرف اللقطة بعد ذلك سنة، فإن وجد صاحبها أعطاه الثمن، وإلا تملك الثمن وانتفع به، ولكن متى ما ظهر صاحب اللقطة دفع إليه الملتقط الثمن.
الثاني : أن يأكلها ويضمن ثمنها لصاحبها.
الثالث : أن يحفظها إن أمكن حفظها بتجفيف أو تبريد أو غير ذلك، ويراعي الملتقط في الأمور الثلاثة ما هو الأصلح للمالك.
ويزيد الأمر وضوحاً ما ذكره الدسوقي -رحمه الله- في حاشيته حيث قال: عدم الضمان فيما إذا أكل ما يفسد بالتأخير مقيد بما إذا كان تافهاً لا ثمن له وإلا ضمن قيمته لربه إذا جاء، وحينئذ فلا فرق فيما له ثمن بين ما يفسد بالتأخير وما لا يفسد إلا جواز القدوم على الأكل ابتداء من غير تعريف فيما يفسد ومنعه في غيره.
ثم قال: أما إذا كان تافهاً جاز له أكله من غير تعريف، ولا ضمان عليه إذا جاء صاحبه وهذا إذا لم يعلم بصاحبه حين وجده فإن علم به لم يجز أكله، فإن أكله ضمن ثمنه. انتهى
وملخص القول أن على من أخذ من هذه الأسماك شيئاً أن يبيعها ويدفع ثمنها لصاحب الأسماك، أو يأكلها ويضمن قيمتها، أو يحفظها بطريقة من طرق الحفظ تبريداً أو تجفيفاً، ثم يدفعها لصاحبها ليتصرف بها كما يشاء، ويتأكد هذا الأمر حيث علم صاحبها.
والله أعلم.