عنوان الفتوى : نظر المرأة إلى رجل يتوقَّع أن يخطبها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أرى من امرأة رغبة شديدة في أن أكون زوجة لأحد أقربائها, لكن الأمر لم يحصل رسميا حتى الآن ، فكل ما أراه منها تلميح واختبار وانتظار ، ويصادف كثيرا أن أرى قريبها هذا بين الحين والآخر ، وأنا والحمد لله فتاة تغض البصر - ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة - ، فحينما يصادف يوما قدوم قريبها ، أتساءل : هل يجوز لي النظر إليه لأعلم طباعه وأتفرس في سمته ؟ أم إن هذه وسوسة شيطان ليجد لي عذرا للنظر؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق


الحمد لله
أولاً :
يجب على المرأة أن تغض بصرها عن العورات والمحرمات ، ولا يجوز لها النظر إلى الرجال بشهوة وتمتع أو مع خوف الفتنة ، لقول الله تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ) النور/ 31.
قال السعدي في تفسيره ص515 : " .. عن النظر إلى العورات والرجال بشهوة ونحو ذلك من النظر الممنوع " انتهى .
ثانيًا :
الراجح من أقوال أهل العلم أنه يجوز للمرأة النظر إلى ما يظهر من الرجال عادة كالرأس والذراع ، إذا لم يكن النظر بشهوة أو تلذذ ، وإذا أمنت الفتنة ؛ لقول عائشة رضي الله عنها :
( رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ )
أخرجه البخاري (988) ومسلم (892) .
وهذا حديثٌ صحيحٌ فيه دلالة على جواز نظر المرأة إلى الرجال الأجانب .
قال الحافظ ابن حجر في تعليقه على هذا الحديث :
" يدل على جواز نظر المرأة للرجل " انتهى من " فتح الباري " (9/248) .
ومن الأدلة على الجواز أيضًا قول النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفاطمة بنت قيس : ( اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عنده ) .
أخرجه مسلم (1480) .
قال القرطبي في تفسيره (12/228) :
" قد استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن المرأة يجوز لها أن تطلع من الرجل على ما لا يجوز للرجل أن يطلع من المرأة كالرأس ومعلق القرط ، وأما العورة فلا ، فعلى ذلك يكون مخصصًا لعموم قوله تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ) وتكون (من) للتبعيض " انتهى .
وقال ابن القطان :
" لا خلاف أعلمه في جواز نظر المرأة إلى وجه الرجل ما كان، إذا لم تقصد اللذة ، ولم تخف الفتنة .." انتهى من " الرد المفحم" للألباني ص116 .

وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله :
ما حكم نظر المرأة للرجل من خلال التليفزيون أو النظرة الطبيعية في الشارع ؟
فأجاب :
" نظر المرأة للرجل لا يخلو من حالين سواء كان في التلفزيون أو غيره .
1- نظر شهوة وتمتع ، فهذا محرم لما فيه من المفسدة والفتنة .
2- نظرة مجردة ، لا شهوة فيها ولا تمتع ؛ فهذه لا شيء فيها على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وهي جائزة لما ثبت في الصحيحين : ( أن عائشة رضي الله عنها كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون ، وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسترها عنهم ) وأقرها على ذلك .
ولأن النساء يمشين في الأسواق ، وينظرن إلى الرجال ، وإن كن متحجبات ، فالمرأة تنظر إلى الرجل ، وإن كان هو لا ينظرها ، بشرط ألا تكون هناك شهوة وفتنة ، فإن كانت شهوة أو فتنة فالنظرة محرمة ، في التلفزيون وغيره " انتهى من " فتاوى المرأة المسلمة " 2/973 .

ثالثًا : النظرة الخاصة بالخطبة : إنما تكون حيث يصح العزم على ذلك ، فينظر إليه بقدر حاجته ؛ فإذا وقعت في نفسه ، وخطبها : عاد حكم النظر إليها كغيره من الأجانب .
وإن انصرف عن خطبتها ، فهذا أبعد لنظره .
والمرأة ليست هي الخاطب الذي يبدأ بذلك ، فليس لها أن تنظر إليه ، نظر المخطوبة إلى خاطبها ، إلا بعد أن يخطبها فعلا ، أو يغلب على الظن أنه يقدم على ذلك .
وبعدها يكون كغيره من الرجال الأجانب .
وينظر جواب السؤال رقم (143844) .

والذي ننصح به الأخت السائلة أن تمنع نفسها من النظر إلى هذا الرجل ، ما دام أنه لم يتقدم لخطبتها فعليها ؛ سدًا لذريعة الفتنة واحتياطًا لدينها ؛ فإن نظر فتاة شابة إلى شاب يُطمع في تقدمه لخطبتها ، قد يكون ذريعة لتعلقها به ، ثم لا يقدم هو على خطبتها فعليا ، فلا تستفيد شيئا ، بل تضرر بذلك ، ويخشى على دينها منه .

نسأل الله أن يحسن خلقك ويزودك بالتقوى والورع ، وأن يزينك بالعفاف والحياء والشرف ، وأن يطهر قلبك من الشرور ما صغر منها وما كبر ، وما بطن منها وما ظهر ، وأن يثبتك على الحق ويهديك إلى ما يحبه ويرضاه .

والله أعلم .