عنوان الفتوى : هل تلاوة القرآن بالنهار تكون نصف تلاوته بالليل
قول النبي صلى الله عليه وسلم: من قام بألف آية كتب من المقنطرين ـ هذا في قراءة الليل فكم هو مقدار قراءة النهار المستحبة يوميا زيادة عن قراءة الليل؟ وهل يستحب أن تكون قراءة النهار نصف قراءة الليل أي خمس مائة آية في النهار؟ وكم هو المقدار الأفضل في قراءة النهار بعد قراءة الليل؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب الإكثار من قراءة القرآن في الليل والنهار لا سيما في شهر رمضان، وخاصة العشر الأواخر منه، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعاهده وقراءته في الأحاديث الصحيحة، لكن ليس هناك حد لما يستحب قراءته منه نهارا حسب اطلاعنا كما لم نطلع أيضا على أن قراءة النهار ينبغي أن تكون على النصف من قراءة الليل، والظاهر أن ذلك يختلف من شخص لآخر فمن لم يكن من أهل الاستنباط واستخراج المعاني ولا مشتغلا بتعلم العلم أو تعليمه أو بالقضاء وفصل الخصومات وغير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامة فليكثر من القراءة ما أمكنه دون أن أن يخرج إلى حد الملل والهذرمة في القراءة، قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: يسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتِهِ، قَالَ تَعَالَى مُثْنِيًا عَلَى مَنْ كَانَ ذَلِكَ دأبه: يتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْل ـ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ وَذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ، وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ، وأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أمامة: اقرؤوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: الْبَيْتُ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ يَتَرَاءَى لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تَتَرَاءَى النُّجُومُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: نَوِّرُوا مَنَازِلَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآن ...إلى أن قال: يُكْرَهُ تَأْخِيرُ خَتْمِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَمْ نَخْتِمُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ: الْمُخْتَارُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَمَنْ كَانَ يَظْهَرُ لَهُ بِدَقِيقِ الْفِكْرِ لَطَائِفُ وَمَعَارِفُ فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى قَدْرٍ يَحْصُلُ لَهُ مَعَهُ كَمَالُ فَهْمِ مَا يَقْرَأُ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مَشْغُولًا بِنَشْرِ الْعِلْمِ أَوْ فَصْلِ الْحُكُومَاتِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى قَدْرٍ لَا يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ إِخْلَالٌ بِمَا هُوَ مُرْصَدٌ لَهُ وَلَا فَوَاتُ كَمَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ فَلْيَسْتَكْثِرْ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ إِلَى حَدِّ الْمَلَلِ أَوِ الْهَذْرَمَةِ فِي الْقِرَاءَةِ. انتهى .
ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 146899.
والله أعلم.