عنوان الفتوى : وافق على أن يكون مهرها عمرة ولم يوف بوعده

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تزوجت منذ سنتين ، وقد كان مهري الذي طلبته من زوجي آنذاك أن نذهب أنا وهو للعمرة ، فوافق وأعطاني مبلغاً من المال على أن أحتفظ به إلى أن يحين موعد العمرة فنذهب سوياً، ولكنه للأسف غضب مني ذات مرة فاسترد ذلك المال وصرفه في أشياء أخرى ، وكلما فتحت له هذا الموضوع غضب وأزبد ، ما يدفعني إلى إغلاقه مباشرة ، وقد حاول عدة مرات أن يعطيني شيئاً آخر على أن أتنازل عن فكرة العمرة ، ولكني رفضت ، فما حكم فعله هذا ؟ علماً أني قد تنازلت عن تكاليف عمرتي وقلت له : إني سأتكلف بذلك لنفسي، حتى لا يكون له أي حجة في التسويف أو التأخير.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق


الحمد لله
أولاً:
لا حرج على المرأة أن تشترط أن يكون مهرها عمرة .
جاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" (19/37): " لا حرج عليك أن تشترطي كون مهرك عمرة ، فقد ثبت في الصحيحين : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا من أصحابه بامرأة على ما معه من القرآن ) " انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو...عضو...نائب الرئيس...الرئيس
بكر أبو زيد...صالح الفوزان...عبد الله بن غديان...عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم (150807) .

ثانياً:
لا يحل للزوج أن يأخذ شيئا مما أعطاه لامرأته في صداقها ، ولا أن يستكرهها على أن تتنازل له عن شيء من ذلك ؛ قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ) النساء/18-20 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" وبيان ذلك: أن الزوجة قبل عقد النكاح محرمة على الزوج ولم ترض بحلها له إلا بذلك المهر الذي يدفعه لها، فإذا دخل بها وأفضى إليها وباشرها المباشرة التي كانت حراما قبل ذلك، والتي لم ترض ببذلها إلا بذلك العوض، فإنه قد استوفى المعوض فثبت عليه العوض.
فكيف يستوفي المعوض ، ثم بعد ذلك يرجع على العوض؟ هذا من أعظم الظلم والجور" .
انتهى من "تفسير السعدي" (172) .

وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَحَقَّ الشَّرْطِ أَنْ يُوفَى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) رواه البخاري (2721) ومسلم (1418).

لكن إذا كان هناك سبب يمنع الزوج من السفر للعمرة في الوقت الحاضر فلا بأس من تأخيرها إلى وقت التيسير ، وهكذا إذا لم يجد نفقة العمرة .
وإذا اتفقا على أن يعطيها بدلا من تكلفة العمرة مالا ، أو متاعا ، فلا حرج عليهما في ذلك .
وإذا تنازلت المرأة عن مهرها أو بعضه لزوجها ، جاز ذلك إن كان بطيب من نفسها .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وإذا عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها أو عن بعضه أو وهبته له بعد قبضه , وهي جائزة الأمر في مالها جاز ذلك وصح ، ولا نعلم فيه خلافا; لقول الله تعالى: ( إلا أن يعفون ) يعني الزوجات.
وقال تعالى: ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئا مريئاً ) قال أحمد , في رواية المروذي : ليس شيء قال الله تعالى: ( فكلوه هنيئاً مريئاً ) سماه ، غير المهر تهبه المرأة للزوج " انتهى من "المغني" (7/196).

وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى وأن يوفي بما وعد به ولا يخلف ه؛ لأن إخلاف الوعد من صفات المنافقين نسأل الله تعالى السلامة والعافية وينظر جواب سؤال رقم (30861).
والله أعلم