عنوان الفتوى : فضيلة التبكير يوم الجمعة هل يدركها من دخل والإمام يصلي تحية المسجد

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

يؤذن للجمعة أذانان الأول والأمام يصلي الركعتين بعد الأذان الأول، ثم يصعد للمنبر فيؤذن المؤذن الأذان الثاني، فهل إذا دخل الرجل بعد الأذان الأول أثناء صلاة الإمام الركعتين تحسب له الجمعة؟ يعنى هل تغلق الملائكة الصحائف لتسجيل من حضر الجمعة بصعود الإمام المنبر أو تغلقها ولا تسجل عند الأذان الأول حتى ولم لم يصعد الإمام المنبر؟ وهل إذا أذن الأذان الأول والإمام بالمسجد ولم يصعد المنبر يتحدث مع الناس من دخل قبل صعوده المنبر وبعد الأذان الأول تحسب له الجمعة ويسجل مع الحاضرين أم لا؟ علما بأن وقت الأذان الأول هو وقت الظهر في الأيام.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فينبغي أن نفرق هنا بين أمرين: بين الأجر والثواب الجزيل الذي وعد الله به في المبادرة إلى الجمعة، وبين مجرد إدراك الجمعة، فكون فوات المبادرة يفوت به أجر كثير ليس معناه أن الشخص يحرم من أجر الجمعة بالكلية، ولا أنه لا تكتب له الجمعة، فقد ثبت الترغيب في المبادرة إلى حضور الجمعة، لما في ذلك من الأجر الجزيل والثواب العظيم الشيء الذي ينبغي أن يحمل المسلم على الحرص على التبكير إليها، فمن الأحاديث الصحيحة الدالة على هذا الترغيب قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.

وقوله أيضا في الحديث المتفق عليه: إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة يكتبون الأول فالأول فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر.

وفي رواية لمسلم: على كل باب من أبواب المسجد ملك يكتب الأول فالأول مثل الجزور ثم نزلهم حتى صغر إلى مثل البيضة فإذا جلس الإمام طويت الصحف وحضروا الذكر.

وتسجيلُ الملائكة للحاضرين للجمعة حسب حضورهم ينقطع بخروج الإمام ليصعد على المنبر للخطبة حيث يشتغلون بسماع الذكر، جاء في فتح الباري لابن حجر: قوله: فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ـ استنبط منه الماوردي أن التبكير لا يستحب للإمام، قال ويدخل للمسجد من أقرب أبوابه إلى المنبر، وما قاله غير ظاهر لإمكان أن يجمع الأمرين بأن يبكر ولا يخرج من المكان المعد له في الجامع إلا إذا حضر الوقت أو يحمل على من ليس له مكان معد وزاد في رواية الزهري الآتية: طووا صحفهم ـ ولمسلم من طريقه: فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر ـ وكأن ابتداء طي الصحف عند ابتداء خروج الإمام وانتهاءه بجلوسه على المنبر وهو أول سماعهم للذكر والمراد به ما في الخطبة من المواعظ وغيرها. انتهى.

وفي عمدة القارى: فَإِن قلت: فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى من الصَّحِيح: فَإِذا جلس الإِمَام طَوَوْا الصُّحُف ـ فَمَا الْفرق بَين الرِّوَايَتَيْنِ؟ قلت: بِخُرُوج الإِمَام يحْضرُون من غير طي، فَإِذا جلس الإِمَام على الْمِنْبَر طووها، وَيُقَال: ابْتِدَاء طيهم الصُّحُف عِنْد ابْتِدَاء خُرُوج الإِمَام وانتهاؤه بجلوسه على الْمِنْبَر، وَهُوَ أول سماعهم للذّكر، وَالْمرَاد بِهِ مَا فِي الْخطْبَة من المواعظ وَنَحْوهَا. انتهى 

وفي إرشاد الساري للقسطلاني: وزاد في رواية الزهري الآتية طووا صحفهم، ولمسلم من طريقه: فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر ـ فكان ابتداؤه خروج الإمام، وانتهاؤه بجلوسه على المنبر وهو أول سماعهم للذكر. انتهى. 

فيظهر مما سبق أن من دخل المسجد يوم الجمعة قبل صعود الخطيب فإنه يدرك فضيلة التبكير للجمعة ويشمله التسجيل في صحف الملائكة، ولا فرق في ذلك بين كون الإمام يصلي تحية المسجد أو يتحدث مع الناس أو جالسا قبل الخروج... غير أنه كلما كان أكثر تبكيرا إلى المسجد رجي له من الأجر أكثر، ومن لم يحضر إلا بعد صعود الخطيب المنبر فلا يشمله التسجيل فى صحف الملائكة المكلفين بكتابة المبكرين لصلاة الجمعة، لكن تجزئه الجمعة ويكتب له ثواب ما حضره من ذكر ودعاء وصلاة ونحوها وهذا الثواب يكتبه الملائكة الحفظة الذين يلازمون الإنسان ويكتبون سائر أعماله من خير وشر، جاء في فتح الباري: والمراد بطي الصحف طي صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة دون غيرها من سماع الخطبة وإدراك الصلاة والذكر والدعاء والخشوع ونحو ذلك فإنه يكتبه الحافظان قطعا. انتهى.

والله أعلم.