عنوان الفتوى : جفاء الزوج وعدم رومانسيته لا يسوغ للزوجة الوقوع في الزنا
حكم زوجة خانت زوجها في الغربة وقد علم بذلك، وهي تشك أنه يعلم بخيانتها له ( علاقة زنا)مرة واحدة، علما بأن له أولاد منها وقريب لها وكامل الرجولة غير أنه ليس رومانسيا بل واقعي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن التعبير عن زنا الزوجة بالخيانة الزوجية قد يوحي بأن هذه الجريمة إنما تستبشع من حيث كونها خيانة للزوج فقط، وذلك مفهوم مخالف للشرع ، وانظر في ذلك الفتوى رقم : 15726.
ومهما كان حال الزوج من ضعف إبداء مشاعر المودة لزوجته بل وجفائه وسوء عشرته وظلمه لزوجته وحرمانها من حقها في الاستمتاع معه ، فإن ذلك كله لا يسّوغ لها الوقوع في الزنا ، فإنه من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله ، وإذا كان من محصن فهو أشد إثما وأعظم جرماً ، فعقوبة الزاني المحصن في الدنيا الرجم بالحجارة حتى الموت. ولو أنّك تأملت في هذه العقوبة وتلك القتلة التي اختارها الشرع للزاني المحصن مع أنّ الشرع قد أمر بإحسان القتلة ولو لكافر بل ولو لأخس حيوان مأذون في قتله ، فإذا تأملت ذلك بالإضافة إلى ما أعده الله للزناة في الآخرة من عذاب وخزي ؛علمت فداحة تلك المعصية وبشاعة تلك الجريمة.
قال ابن القيم (رحمه الله) : فأما سبيل الزنى فأسوأ سبيل ومقيل أهلها في الجحيم شر مقيل، ومستقر أرواحهم في البرزخ في تنور من نار يأتيهم لهبها من تحتهم فإذا أتاهم اللهب ضجوا وارتفعوا ثم يعودون إلى موضعهم فهم هكذا إلى يوم القيامة كما رآهم النبي في منامه ورؤيا الأنبياء وحي لا شك فيها ، ويكفي في قبح الزنى أن الله سبحانه وتعالى مع كمال رحمته شرع فيه أفحش القتلات وأصعبها وأفضحها وأمر أن يشهد عباده المؤمنون تعذيب فاعله. روضة المحبين.
فالواجب على تلك المراة التي وقعت في الزنا أن تبادر بالتوبة إلى الله فإن الذنب مهما عظم ثم تاب العبد منه توبة صحيحة فإن الله يتوب عليه، بل إن الله يفرح بتوبة العبد ويحب التوابين ويبدل سيئاتهم حسنات ، و التوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه ، مع الستر على النفس وعدم المجاهرة بالذنب.
وإذا تابت هذه الزوجة فينبغي لزوجها أن يمسكها ويستر عليها ، أما إذا لم تتب فينبغي أن يطلقها بل عند بعض العلماء يجب عليه ذلك.
جاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي متحدثا عن أنواع الطلاق :"والمستحب وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوها وكونها غير عفيفة ولا يمكن إجبارها على فعل حقوق الله تعالى، فهذه يستحب طلاقها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ، ....... وَعَنْهُ: يَجِبُ. لِكَوْنِهَا غَيْرَ عَفِيفَةٍ، وَلِتَفْرِيطِهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ...."
والله أعلم.