عنوان الفتوى : هل ثبت أن عمر رضي الله عنه كتب كتابا إلى نيل مصر ليجري ماؤه بإذن الله ؟
ما صحة القصة التي تقول إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب رسالة إلى نيل مصر ؟ تبدو لي غير منطقية لأن القرآن والسنة لا يؤيدان مثل هذه القصص.
الحمد لله
قال ابن كثير رحمه الله :
" روينا من طريق ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال : لما افتتحت مصر أتى
أهلها عمرو بن العاص - حين دخل بؤونة من أشهر العجم – فقالوا : أيها الأمير ،
لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها . قال: وما ذاك ؟ قالوا: إذا كانت اثنتي عشرة ليلة
خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من أبويها ، فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من
الحلي والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في هذا النيل .
فقال لهم عمرو : إن هذا مما لا يكون في الإسلام ، إن الإسلام يهدم ما قبله .
قال : فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا ، حتى هموا
بالجلاء ، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب إليه : إنك قد أصبت بالذي فعلت
، وإني قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي ، فألقها في النيل .
فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة فإذا فيها " من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى
نيل أهل مصر : أما بعد ، فإن كنت إنما تجري من قبلك ومن أمرك فلا تجر فلا حاجة لنا
فيك ، وإن كنت إنما تجري بأمر الله الواحد القهار ، وهو الذي يجريك فنسأل الله
تعالى أن يجريك "
قال : فألقى البطاقة في النيل ، فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر
ذراعا في ليلة واحدة ، وقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم " انتهى من
"البداية والنهاية" (7 /114-115)
وهكذا رواه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص165) واللالكائي في "شرح اعتقاد أهل
السنة" (6/463) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (44 /336) وأبو الشيخ في "العظمة"
(4/1424) من طريق ابن لهيعة به .
وهذا إسناد ضعيف لا يصح ، ولا يثبت بمثله هذا الخبر ، وابن لهيعة ، واسمه عبد الله
بن لهيعة بن عقبة ، ضعيف كان قد اختلط ، وهو مع ذلك مدلس ، راجع "التهذيب"
(5/327-331) ، "ميزان الاعتدال" (2/475-484)
وقيس بن الحجاج صدوق من الطبقة السادسة عند الحافظ ابن حجر ، وهم الذين لم يثبت لهم
لقاء أحد من الصحابة . انظر : "تقريب التهذيب" (1 /25) .
وكان تارة يرويه مرسلا ، وتارة يرويه عمن حدثه ، ومن حدثه مجهول لا يعرف .
فالخبر ضعيف لا يصح .
وهذه القصة لو كانت صحيحة لذاع صيتها ، ولانتشر خبرها ، ولتوافرت الهمم على نقلها بالأسانيد الثابتة ؛ لأنه حدث عظيم ، وأمر جليل ، لا يغفل مثله ، بل أدنى منه ، المؤرخون والرواة .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |