عنوان الفتوى : حكم الزواج الصوري لقاء مال
سؤالي إلى حضراتكم يتعلق بالزواج بغرض تسوية وضعية إقامتي الحالية بفرنسا, وسأحاول أن أضع سؤالي هذا في إطاره الصحيح كي يتسنى لحضراتكم فهم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإقدام على هذا الزواج بالصورة المذكورة في السؤال لا يجوز، لأنه من باب اللعب والاستخفاف بهذا الأمر المعظم شرعاً -وهو النكاح- ووضعه في غير موضعه، وقد قال الله تعالى:وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً [البقرة:231]
مع العلم بأنه لو أقدمتما عليه وسَلِمَ من الشرط الأخير -وهو أنه لا علاقة بينك وبين المرأة- لكان نكاحاً صحيحاً تترتب عليه آثار العقد الصحيح، لأن النكاح من الأمور التي هزلها جد، فقد جاء في سنن أبي دواد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة. وقد فسر العلماء الهزل بأنه: هو أن يراد بالشيء غير ما وضع له بغير مناسبة بينهما، وهذا هو عين المسألة المطروحة.
لذا فإنا نقول مرة أخرى لا يجوز الإقدام على هذه العملية تحت أي ظرف، وما دفع من مال مقابلها فهو سحت لا يجوز لآخذه، لأنه من باب أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29]. وعلى افتراض أن الدافع مضطر ضرورة تبيح له الإقدام على ما لا يجوز بحجة الاضطرار، فبأي وجه يستبيح الآخذ -أبو البنت- هذا المال؟ وبأي جواب يقابل به السؤال الذي سيوجه إليه من أين اكتسبه؟ كما في حديث الترمذي.
والله أعلم.