عنوان الفتوى : إذا طلقت من زوجها فهل لها أن تتزوج صديقا لها ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

امرأة انجليزية اعتنقت الإسلام ، ولأنها كانت لا تزال غير مدركة لحرمة مصافحة الرجال فضلاً عن أي شيء غيره ، فإنها قد قبّلت صديقاً لها في شفتيه عندما ودّعته في إحدى المرات ، لقد كانت قُبلة خاطفة لم يصاحبها شيء ، والآن هذه المرأة متزوجة وتسأل قائلة: ماذا لو طلقني زوجي( فالعلاقة بيننا غير مستقرة) فأتى وتقدم للزواج بي ذلك الشخص الذي قبّلته، هل يجوز الزواج به؟ لقد تعلمت هذه الأخت وعرفت الآن أن المرأة يجب أن لا تصادق الرجال وأن لا تختلي بهم ، وعرفت خطورة ما فعلته آنذاك .

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق


الحمد لله
أولا :
نهنئ أختنا الكريمة على ما أنعم الله به عليها من نعمة الإسلام والإيمان ، ونسأله سبحانه لها الثبات والتوفيق .
وما صدر منها من مخالفة لا تعلم تحريمها ، فلا إثم عليها في ذلك ، وعليها أن تسعى لتعلم ما تحتاجه من أمر دينها .
ثانيا :
إذا طلق زوجها ، وانقضت عدتها ، ثم تقدم لها ذلك الشخص الذي قبّلته ، فلا حرج عليها في قبوله زوجا إذا كان مرضي الدين والخلق ، ولكن يجب أن تعلم أمرين :
الأول : أنه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق إلا عند وجود العذر المبيح لذلك ، كسوء عشرة الرجل ، أو كراهتها له كراهة تمنعها من إعطائه حقه ؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: ( إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات ) رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1934) .

لكن إن كرهت الزوجة زوجها لهيئته ، أو لسوء عشرته ، ولم تطق العيش معه ، فإنه يجوز لها طلب الطلاق حينئذ ، لأنه لا مصلحة من بقائها على هذا الحال ، وقد يدفعها بغضها لزوجها إلى التقصير في حقه ، فتأثم .
وقد روى البخاري في صحيحه ( 4867 ) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً ).
وقولها : " ولكني أكره الكفر في الإسلام " أي : أكره أن أعمل الأعمال التي تنافي حكم الإسلام من بغض الزوج وعصيانه وعدم القيام بحقوقه .. ونحو ذلك .
ينظر "فتح الباري" (9/400).
وعلى من يعرف هذه الأخت أن يسعى في الإصلاح بينها وبين زوجها بالمعروف .
والثاني : أنه لا يجوز لها أن تطلب الطلاق لتتزوج من ذلك الرجل ، ولا يجوز لهذا الرجل أن يعينها ويحرضها على ذلك ، فهذا من التخبيب المحرم ، وهو الإفساد بين الزوجين ، وصاحبه مقترف لكبيرة من كبائر الذنوب ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يحرم نكاحها على من خببها تحريما مؤبدا ، فعلى ذلك نكاحه لها لا يصح ، إن كان هو الذي أفسدها على زوجها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ ) . رواه أبو داود ( 2175 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

وروى أبو داود ( 5170 ) – أيضاً - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الشيخ عبد العظيم آبادي – رحمه الله - : ( مَن خبَّب ) : بتشديد الباء الأولى ، أي : خدع وأفسد .
( امرأة على زوجها ) : بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته ، أو محاسن أجنبي عندها " انتهى من " عون المعبود " ( 6 / 159 ) .

وقال : ( مَنْ خَبَّب زوجة امرئ ) : أي خدعها وأفسدها أو حسن إليها الطلاق ليتزوجها أو يزوجها لغيره أو غير ذلك . " عون المعبود " ( 14 / 52 ) .
وينظر في تحريم ذلك وخلاف الفقهاء في صحة نكاح المخبب : جواب السؤال رقم(84849) .

والله أعلم .