عنوان الفتوى : تريد الطلاق ولم يعلم وليها بحصول الخلوة

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

مسلمة أعيش في الغرب وتزوجت كما هو موضح في إحدى الأجوبة حيث فصلتم في حكم الزواج العرفي كما يلي : والصورة الثانية : التزوج بموافقة المرأة ووليها ، لكن دون إعلان أو إشهار ، أو دون توثيقه في المحاكم الشرعية أو النظامية ، بشرط الإشهاد عليه ، وإذا كان كذلك : فهو عقد صحيح من حيث شروطه وأركانه ، لكنه مخالف للأمر الشرعي بوجوب الإعلان ، ويترتب على عدم توثيقه ضياع لحقوق الزوجة من حيث المهر والميراث ، وقد يحصل حمل وإنجاب فكيف سيثبت هذا الولد في الأوراق الرسمية ؟ وكيف ستدفع المرأة عن عِرْضها أمام الناس ؟ المشكلة أنني الآن أريد الطلاق علما أنه لم يتم الدخول لكن كانت هناك خلوة ، والزوج يرفض الطلاق والشيخ الذي عقد يرفض فسخ الزواج بغياب الزوج ، وحاول الاتصال به حتى يسمع منه لكن الزوج لا يرد . سعى أهلي لإرجاعي إلى بلدي ، وهناك سألْنا فقالوا الزواج باطل بغياب أي وثيقة تثبت ذلك. قالوا إن الزواج لابد أن يوثق أولاً ، ومن ثم أطلب الطلاق ، وهذا لن يتم بغياب الزوج. أريد أن أضيف تفصيلاً وهو : أن الولي وافق على أساس أن يتم عقد موثق في المسجد في حين أن العقد تم شفهيا فقط . الزواج المدني كان متعذرا لأن الزوج كان لم يتم إجراءات الطلاق من زواجه الأول بعد وحين كلم الولي قال إن أمر الطلاق مفروغ منه وحين يطلق يكون بالإمكان توثيق الزواج . قال انه سيقوم بعقد موثق في المسجد وأنا أخفيت عن أهلي انه تم شفهيا فقط . أرجو أن تفتوني إن كان الزواج باطلا بسبب خداع الولي في مسالة العقد وان لم يكن فكيف يمكن فسخه؟ وأريد أن أضيف تفصيلاً آخر وهو : أني كرهت زوجي لدرجة يتعذر معها استمرار الزواج في حين أن أهلي طلبوا الطلاق حين علموا أن العقد غير موثق حتى في المسجد ، ويرفضون الآن عودتي . الزوج متعنت ثم الآن يشترط أن يعلم الولي بالخلوة ويسامحه وبعدها يطلق ، لأنه كان قد عاهده أن لا يختلي بي إلا بعد إشهار يتم في بلدي وأخلف وعده ، وهذا متعذر لأن حالة والدي الصحية لا تسمح له بهذا لأنه طريح الفراش ، لكن أمي تعلم وأنا لا أزال بكراً . هل شرطه شرعاً يصح أن يعلم الولي بالخلوة مع أنه لم يتم دخول؟ جزاكم الله خيراً .

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق


الحمد لله
أولا :
يشترط لصحة النكاح أن يعقده ولي المرأة أو وكيله في حضور شاهدين ، فإذا كان والدك وكَّل من يعقد لك ، فقد تحقق شرط الولي ، وإلا كان نكاحك بلا ولي ، والنكاح بلا ولي مختلف فيه ولا يصح عند جمهور الفقهاء .
ولم تذكري شيئاً عن الشهود ، فإن خلا النكاح من الولي والشاهدين فهو نكاح باطل ، ولا تصيرين به زوجة لهذا الرجل .
وإن وجد الشاهدان ، دون الولي أو وكيله ، فهذا إن عقده القاضي الشرعي أو من يقوم مقامه في بلاد الغرب كالمركز الإسلامي فالنكاح لا ينقض حينئذ مراعاةً للخلاف .
وإن عقده غير القاضي وغير من يقوم مقامه فلا عبرة به .
وعلى هذا التفصيل يكون حكم نكاحك .

ثانياً :
إذا كان النكاح صحيحاً وكنت كرهت زوجك إلى الحد الذي يتعذر معه الاستمرار في النكاح - كما تقولين - فهذا عذر يبيح لك طلب الطلاق أو الخلع ، فإن وافق الزوج على الطلاق ، فقد أحسن ، وإن أبى فاطلبي الخلع وردي إليه ما دفع من مهر أو تكاليف .
وينبغي أن تعلمي أنه لا يجوز طلب الطلاق أو الخلع إلا لعذر ؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: ( إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات ) رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1934).

فإن وجد العذر كسوء عشرة الرجل ، أو كراهة الزوجة لزوجها ، جاز طلب الطلاق والخلع ؛ لما روى البخاري (5273) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً ).
وعند ابن ماجه (2056) أنها قالت : (لا أطيقه بغضاً) صححه الألباني في صحيح ابن ماجة .

ثالثا :
لا يشترط لصحة الطلاق أن يُعلم زوجك الولي بما حصل من الخلوة ، فيصح أن يطلق دون إخباره بالخلوة ، وهنا مسألتان :
الأولى : أنه إن كان عاهد الولي ألا يختلي بك ، فقد أخطأ بإخلاله بهذا العهد ، وتلزمه التوبة ، ويلزمه التحلل وطلب المسامحة من وليك ، إلا أن يخشى ترتب مفسدة على ذلك من حدوث فتنة أو قطيعة أو زيادة مرض للولي ، فلا يخبره ويتوب فيما بينه وبين ربه .
والثانية : أن الخلوة توجب المهر كاملا ، فلو طلق بعد الخلوة لزمه المهر كاملا ، في أصح قولي العلماء . وأما الطلاق قبل الخلوة فيوجب نصف المهر فقط . وينظر : سؤال رقم : ( 97229) .
وعليه فإن كان الزوج قد دفع المهر فلا يحل له أن يطالب بنصفه اعتمادا على أنه لم يخل بزوجته - حسب الظاهر- ، إلا أن تحصل الفرقة بالخلع ، فله أن يشترط تنازلك ، أو ردك لجميع المهر .
والله أعلم .