عنوان الفتوى : التقليد الفقهي بين الجواز وعدمه
هل يجوز تقليد أحد المذاهب الفقهية بكل ما فيه حتى وإن كان المقلد ليس مقتنعا ببعض الأشياء التي فيه أي التقليد الأعمى؟ أم يجب عليه أن يأخذ من كل مذهب وما يقتنع به؟ وما الفرق بين ما ذكرت والاجتهاد؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الإنسان من أهل الاجتهاد مستوفياً لشروطه التي ذكرها العلماء، فهذا لا يجوز له التقليد، وإنما يعمل بما ترجح عنده بالدليل الشرعي، وإن كان ممن يستطيع الوقوف على أدلة كل مذهب في المسألة والترجيح بينها، فهذا يلزمه العمل بما تظهر له قوته من دليل في أي مذهب كان، وهذه المرتبة مرتبة وسطى بين الاجتهاد والتقليد يسميها بعض العلماء بالتبصر، ويسميها آخرون بالاتباع، قال تعالى: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر:17-18]. [النحل:43]
وأما من كان من العوام، فإنه يجوز له تقليد مذهب معين والعمل بما فيه، كما يجوز له أن لا يقلد مذهباً، وما أشكل عليه سأل عنه من يثق في علمه وورعه، ولا يشترط معرفة الدليل في حقه، قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
مع أن الأولى له أن يسأل العالم عن دليل المسألة، وعلى العالم أن يبينه له إلا إذا كان مأخذه خفياً يعسر على العامي فهمه، قال صاحب المراقي:
ولك أن تسأل للتثبت عن مأخذ المسؤول لا التعنت
ثم عليه غاية البيــان إن لـــم يكـن عـذر بالاكتنـان
والتقليد الذي ذمه الله تعالى في كتابه هو التقليد في الباطل، فكثيراً ما يُبين للإنسان خطأ ما هو عليه من علم أو عمل فيصر على خطئه تقليداً لمذهبه أو شيخه، وهذا حاله كحال من قال الله فيهم: (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) [الزخرف:22].
وراجع الفتوى رقم: 16616، 6787، 5812، 7763.
والله اعلم.