عنوان الفتوى : الشفاء الحاصل بفعل الخرافة من الاستدراج
سؤال عن بعض الاعتقادات الموجودة في بلاد المسلمين عند الأقليات المسلمة: يوجد في بعض الأقليات المسلمة اعتقادات منها: عندما يولد المولود ـ وذلك في البيت وليس في المستشفى ـ تقول القابلة: إن هذا المولود له توأم لا يمكن أن تراه العين المجردة، وتستدل على قولها بوجود اثنين من الحبل السري الخارج مع المولود من رحم الأم، وبالفعل يكون هناك اثنان من الحبل السري، ومع مرور الزمن يبلغ المولود أشده ـ ذكراً كان أو أنثى ـ وفي هذه الأثناء قد يُصاب هذا الولد بمرض أو بشيء من الآلام والأوجاع، فتقول القابلة: لو قَدَّمْنا بعض الأطعمة أو الأشربة أو أي شيء لتوأمه الذي خرج معه أثناء الولادة، أو نبني بيتاً صغيراً بحيث يمكن للتوأم المذكور أن يأوى إليه عسى أن يشفى المولود مما يعانيه، فيقوم الأبوان بتنفيذ ما تقوله القابلة، ويقدمون بعض الأطعمة والأشربة للتوأم المذكور، أو يبنون بيتاً صغيراً مثل بيت العصافير الصغار أو طائر الحمامة، فيُشفى الولد من مرضه أو من بعض ما يعانيه من الآلام والأوجاع، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لهذا الكلام أصل في الشرع، ولم يذكره علماء الإسلام في كتبهم، بل هو نوع من الخرافات والأباطيل التي لا تستند إلا إلى الأوهام، فمثل هذا لا يجوز تصديقه، أو بناء شيء من الأحكام عليه، ولو قدر أن مرض المولود وفعل الناس ما تذكره هذه القابلة وشفي المولود فربما كان هذا نوعا من الاستدراج، والله تعالى يقول: فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ {القلم:44}.
وثبت في مسند أحمد عن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ {الأنعام:44}.
قال المناوي في شرح معنى الاستدراج في هذا الحديث: والمراد هنا تقريب الله العبد إلى العقوبة شيئا فشيئا، واستدراجه تعالى للعبد أنه كلما جدد ذنبا جدد له. اهـ.
أي في النعمة، فهنا جاءت نعمة الشفاء مع فعل هذه الخرافة، ولا تجوز طاعة الأبوين إن أمرا بتنفيذ ما أمرت القابلة بفعله، فلا طاعة لخلوق في معصية الله تعالى، فإنما الطاعة في المعروف.
والله أعلم.