عنوان الفتوى : رتبة حديث: لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ
ماهي صحّة هذا الحديث: لا يشربن أحدكم قائماً، فمن نسي فليستقئ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث ثابت خرجه مسلم في صحيحه عن أَبُي غَطَفَانَ الْمُرِّيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شرب قائما، فذهب أكثر العلماء إلى أن النهي عن الشرب قائما للتنزيه لا للتحريم وحملوا الأمر بالاستقاءة على الندب لا الوجوب، قال النووي في شرح مسلم: والصواب فِيهَا أَنَّ النَّهْيَ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَأَمَّا شُرْبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَبَيَانٌ للجواز فلا إشكال ولا تعارض، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ نَسْخًا أَوْ غَيْرَهُ فَقَدْ غَلِطَ، إلى أن قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: فمن نسي فليستقئ ـ فَمَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالنَّدْبِ فَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ شَرِبَ قَائِمًا أَنْ يَتَقَايَأَهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ، فإن الأمر إذا تعذر حَمْلُهُ عَلَى الْوُجُوبِ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَأَمَّا قول القاضي عياض: لا خلاف بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ شَرِبَ نَاسِيًا ليس عليه أن يتقيأه ـ فأشار بذلك إلى تضعيف الحديث فلا يلتفت إِلَى إِشَارَتِهِ، وَكَوْنُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يُوجِبُوا الاستقاءة لا يمنع كونها مستحبة. انتهى.
والله أعلم.