عنوان الفتوى : لا يرى في منامه إلا الرجال فهل هو شاذ لا يصلح للزواج بالنساء ؟
عندي عشرون سنة ، ومنذ بلغت الحلم وأنا لا أرى النساء في أحلامي , بل أرى رجالاً ، وليست عندي شهوة تجاه النساء ! هل هذا ابتلاء ؟ وهل أُحرم الزواج في المستقبل حتى لا أظلم من سأتزوجها ؟ مع العلم أني أعرف حرمة الشذوذ ، وسؤالي ليس عن جوازه ولكن أريد أن أعرف هل أمثالي يعيشون عزَّاباً حتى لا يظلموا زوجاتهم ؟ .
الحمد لله
مما لا شك فيه أن ميل الرجل للرجل منافٍ للشرع والعقل والفطرة ، وأن على من ابتليَ
بذلك أن يبحث عن العلاج القاطع لمشكلته تلك ، وهذا الميل إن كان بإرادته فهو مؤاخذ
عليه ، وإن كان بغير إرادته فهو معذور فيه لكن يجب عليه أن يدافعه ويسعى للتخلص منه
.
وهذه الشهوة التي خلقها الله في الرجال قد جعل تصريفها الشرعي المباح في النساء لا
غير ، ومن خالف ذلك فجعلها في الرجال فهو " شاذ " وقد فعل فعلاً غاية في القبح
والشناعة والحرمة ، ولم يكن هذا الفعل في خلق الله قبل قوم لوط ، والذين استمروا
على فعله مع كفرهم بالله تعالى ، وقد عاقبهم الله عز وجل بما لم يعاقب به أمة من
الأمم .
وسواء صرَّف الرجل شهوته في رجل مثله ، أو كان عنده ميل للرجال فإنه يجب عليه أن
يعالج نفسه علاجاً قاطعاً يقضي به على شذوذه ، وقد جاء لوط عليه السلام لقومه
بالعلاج الشرعي الناجع لترك فعلهم القبيح ، وهو التزوج بالنساء ، فقال لهم ( يَا
قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ ) هود/ 78 .
قال علماء اللجنة الدائمة : " المراد بجملة ( هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ
لَكُمْ ) ندبُ هؤلاء الكفار إلى التزوج بالنساء ووطئهن في الحلال ، سواء كنَّ بناته
، أم بنات قومه ، فإن بنات قومه : بناته حكماً ؛ لكونه رسولاً إليهم .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 232 ) .
والتزوج في حقك إن كنتَ مستطيعه يكون واجباً عليك بلا خلاف .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - : " وقال القرطبي : المستطيع الذي يخاف الضرر على
نفسه ودينه من العزوبة بحيث لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزويج : لا يُختلف في وجوب
التزويج عليه " انتهى من " فتح الباري " ( 9 / 110 ) .
ومن توفيق الله لك أنك على علمٍ بحرمة الشذوذ ، وأنك لم تفعل فاحشة اللواط ، واعلم
أن ما تراه في منامك لا حكم له ، فأنتَ لم تقع في أمرٍ محرَّم ؛ لأن النائم مرفوع
عنه القلم ، والمهم أن تكون متقيّاً لربك في يقظتك ، قال ابن سيرين رحمه الله – كما
رواه عنه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 2 / 273 ) - " اتق الله في اليقظة ؛ لا
يضرك ما رأيتَ في المنام " انتهى .
وقال – أيضاً – كما في " شرح السنة " للبغوى ( 12 / 208 ) – " اتق الله في اليقظة ،
ولا تبال ما رأيتَ في النوم " انتهى ، ومن التقوى في اليقظة أنك لا تنظر إلى الرجال
والولدان نظر شهوة ، ولا تتعمد ترك التزوج لمحبتك التعلق ببني جنسك .
وما تراه في منامك – أخي السائل - هو من فعل الشيطان وعبثه بك لتوكيد الأمر أنك لست
برجل سويٍّ ، وأنك لا تصلح أن تكون زوجاً لامرأة ، فاحذر من هذا الكيد والمكر ،
وبادر إلى الزواج بامرأة صالحة ، واحرص على أن تكون ذات جمال ليحصل منك تعلق بها
وتكون سبيلاً لإعفافك عن الوقوع في الحرام .
ولا ينبغي لك أن لا تتأخر في الزواج ، ونحن على ثقة – إن شاء الله – أن هذا سيكون
نافعاً لك ، وسيكون قاطعاً لما تراه في منامك .
ونوصيك – أخيراً – بالإكثار من الدعاء أن يطهِّر الله قلبك وجوارحك من الآثام ، وأن
يحبِّب إليك الإيمان ، ويزيِّنه في قلبك ، وأن يُكرِّه إليك الكفر والفسوق والعصيان
وأن يجعلك من الراشدين .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |