عنوان الفتوى : حماتها تسيء إليها وإلى أهلها فكيف تتعامل مع هذه الإساءات ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

نحن نعيش في مكان منفصل عن والدي زوجي ، ولكنهم أحياناً يأتون لزيارتنا ، وحماتي تخاطب والديَّ بشكل وقح للغاية وتقدم لهما أبشع الانتهاكات اللفظية ، من ناحية أخري أنا ووالداي لا نقوم تجاههما بأي فعل ، حماتي تفتعل أشياء من تلقاء نفسها وتحكيها لزوجي ولباقي أولادها ، أيضاً الأخت الكبيرة لزوجي تصدِّق أي شيء يقال ، وتتعدى عليَّ أنا ووالدي ، ولكن شقيق زوجي الذي يعيش معنا يساندني ويعلم ما تقوم به والدته ، وزوجي كذلك يعلم ما يحدث ولكنه لا يستطيع أن يقول لي شيئاً ولا لوالديه ، أنا لا أتفوه بأي شيء في حقهم خشية من الله . أرجو منكم النصيحة .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
1. من أصعب ما تواجهه الزوجة في حياتها أن يظلمها زوجها باستماعه لكلام أمه فيما لم تقله أو لم تفعله ، ومن الرائع في مشكلتك – أختنا السائلة – أن زوجكِ يعلم براءتك مما تفتريه أمه عليكِ ، ومن ثَمَّ فليس لموقف حماتك أثر سلبي على زوجك ، بل الظاهر أنه يبدي تعاطفه نحوك ، والظاهر أنه لا يملك من أمره شيئاً تجاه والدته ، ويبدو أن ذلك إما لقوة شخصيتها أو بسبب ضعفه عن مواجهتها .
2. وبما أنَّ موقف والدة زوجك هو ما تذكرينه من ذلك السوء تجاه والديك : فإن النصيحة أن لا يجتمعوا في مكان واحدٍ إلى أن يصلح الله حالها ؛ وذلك أنه لا أحد يدري ما تتطور إليه نتائج سبها وشتمها لهم ، فقد يسكت أهلك في أحيان كثيرة ولكن من يضمن سكوتهم طول الزمن ؟! ولا شك أن لهذا السب والشتم أمام أفراد الأسرتين تأثيراً بليغاً عليهم في إيغار الصدور وامتلاء القلوب حقداً وكراهية ، لذا كان الأسلم الحرص على عدم اجتماع الطرفين في مكان واحد .
3. واعلمي أن ما أصابك ابتلاء يبتلي به من شاء من عباده ، فقابلي ذلك بالصبر كما هي عادة المؤمن في الابتلاء بالضراء ، وادفعيه بالتي هي أحسن من الأقوال والأفعال والأخلاق ، قال تعالى ( وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصلت/ 34 ، 35 ، واعلمي أن عواقب الصبر والدفع بالتي هي أحسن خير لك في دنياك وأخراك إن شاء الله ، قال تعالى ( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ) آل عمران/ 120 .
4. ومن المهم جدّاً البقاء على علاقة وثيقة بزوجك ، وأن يزداد قربكِ منه ، وأن تقوى عشرتك له بالمعروف ، ونحن نعلم عجز بعض الأبناء عن مواجهة والده أو والدته بالحق فيما يخص زوجته فيلتزم الحياد ، فلتقبلي ذلك منه فهو خير من الانحياز ، ولعلَّ ذلك أن يزول كله عما قريب فتصبح أحداثاً من التاريخ ، أو تنقلب تلك الكراهية والبغضاء إلى مودة ووئام .
5. وإذا كان هناك من هو عاقل من أهل والدة زوجك كأخيها أو عمٍّها أو خالها ، فلتوسطوه لنصحها ووعظها ، فلعلَّ الله أن يهديها ويصلح بالها بكلمة من أحدهم ، ولا تيأسوا من هدايتها فقد هدى الله تعالى من هو شرٌّ منها .
6. وبخصوص أخت زوجك فإننا نوصيها أن تتقي الله ربَّها ، ولتعلم أن عواقب الظلم وخيمة ، وهو معصية يعجل الله عقوبتها في الدنيا ، فلتنصر الظالم بنصحه ووعظه والأخذ على يده ، ولتنصر المظلوم بتأييده في حقه ودفع الأذى عنه ، ولتحذر من عقوبة الله تعالى لها من جنس معصيتها .
7. وقد لفت نظرنا قولك عن أخي زوجك الذي يؤيدك وينصرك أنه " يعيش معكم " ونحن لا ندري عن سنِّه ولا عن طبيعة مسكنكم ، لكننا نحذِّر مما حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم وهو التساهل مع أخي الزوج في الخلطة والكلام ، فضلا عن الرؤية والسكنى في بيت واحد ؛ فإن في ذلك من المفاسد الشيء الكثير ، ويكفينا وصف نبينا صلى الله عليه وسلم لأخي الزوج أو قريبه - " الحمو " - أنه الموت ! وانظري جواب السؤال رقم ( 13261 ) فهو مهم .
ونسأل الله أن يهدي أسرتيكم لما يحب ويرضى وأن يجمع بينكم على خير .

والله أعلم