عنوان الفتوى : المبادرة إلى التوبة والاستغفار الاستقامة
السلام عليكم مشكلتي أني ظلمت نفسي وظلمت غيري، وأريد رد الظلم عن غيري وأريد معونتكم فى ذلك. والمشكلة باختصار شديد أني كنت على علاقة (زنا) بامرأة أحد جيراني استمرت أعواما، وكان على سفر ثم حرضتها على الطلاق منه لكي نتزوج ولها منه أولاد وأنا متزوج أيضا ولي أولاد وكنت أعيش سعيدا مع زوجتي التي شكت فى وجود علاقة لكن بأسلوبي ومعاملتي الطيبة معها وبثقتها في باعدت بينها وبين ذلك الشك. وبالفعل تزوجت تلك المرأة وبالطبع لاقيت الكثير من المتاعب والمشاكل ممن حولي وعدم رضى والدي وأهلي كلهم عن تلك الزوجة، ومشاكل من زوجتي الأولى التي سببت لها بذلك قطيعة أبويها لها، لأنها لم تطلق مني لحرصها على الأولاد وذهبت السعادة التي كنت أجدها مع زوجتي الأولى ولم أجدها لا مع الأولى ولا مع الأخرى. ضميري يؤلمني. لن أستطيع أن أعدل بينهما زوجتي الأولى تحس بأني ظلمتها وغدرت بها. وقد وعدتها أنه لن يكون هناك أي تغيير فى حياتنا ولم أستطع تنفيذ وعدي أحس بالذنب نحو أولاد زوجتي الثانية حيث أني حرمتهم من والدهم، ولا أستطيع إعطاءهم من الوقت إلا القليل وإن كنت أعطيهم ماديا أكثر مما سيعطيهم والدهم . والآن أحس بالذنب تجاه جاري هذا الذي أتألم كلما رأيته وأنا الذي هدمت بيته وأخذت منه زوجته وفرقت بينه وبين أولاده. نادم على ما فعلته وأتمنى أنه لم يحدث وأحس أني لن أستريح الا إذا أصلحت ما أفسدته وأعيد حياته كما كانت. فهل يجوز لي أن أصلح ما أفسدته وأن أعيد بناء ما هدمته أي أن أرجع تلك المرأة وأولادها لجاري مرة أخرى بعد أن أطلقها وهل إذا طلقتها أكون ظالما لها بما حدث؟ أو هل هناك سبيل آخر لاصلاح كل ما أفسدته ؟ أرجو من الله أن يوفقكم لإرشادي وإيجاد حل يريحني ويخلصني مما أنا فيه وجزاكم الله خيرا وآسف لطول الرسالة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
أخي يجب عليك أن تبادر بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى فقد ارتكبت ذنباً عظيماً وفاحشة كبرى هي في مصاف الشرك بالله وقتل النفس كما في صحيح البخاري وغيره من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ذنب عند الله أكبر قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. قلت: ثم أي قال: أن تزني بحليلة جارك قال: ونزلت هذه الآية تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم. (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) [الفرقان: 68، 70]. أضف إلى ذلك أنك أفسدتها على زوجها حتى فرقت بينهما والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس منا من خبب امرأة على زوجها" [رواه أبو داود وأحمد والنسائي وصححه الألباني والسيوطي]. وعلى هذه المرأة من الإثم والتوبة مثل ما عليك وأكثر، لأنها ارتكبت في حق هذا الرجل أمراً كبيراً وهو طلبها لطلاقها من غير ضرر يلحقها منه. وقد ثبت في سنن ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسأل المرأة زوجها طلاقها من غير كنهه فتجد ريح الجنة". ولما في المسند أنه قال: (المختلعات والمنتزعات هن المنافقات) ولا يجب عليك أن تطلق هذه الزوجة إن كنت تزوجتها زواجاً صحيحاً مستكمل الشروط ومنتفي الموانع. لكن إن علمت أنك لو طلقتها سيرجعها زوجها الأول ويصلح ما بينهما وكذلك يصلح ما بينك وبين زوجتك الأولى فقد يكون هذا حلا وهو أمر مستبعد أن يرجعها، وحاول بدل ردها إليه أن تحسن إليه في مقابل ما أدخلت عليه من الضرر كأن تساعده في تكاليف زواجه أو قضاء ديونه أو النفقة على عياله فالله جل وعلا يقول: (إن الحسنات يذهبن السيئات)[هود:114] والله تعالى أعلم.