عنوان الفتوى : من أراد الزواج بفتاة كانت مستهترة في الماضي هل ينصح بتركها ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا فتاه عادية جدا مسلمة أخاف الله أقصر أحيانا ولكنني أتوب أحيانا أخرى أرسلت لي إحدى صديقاتي صفحة من موقعكم (سؤال وجواب) أعجبني ما قرأت إلى أن وصلت إلى سؤال أرسل به أحد الشباب وهو السؤال رقم 26744 ذكر هذا الشاب أن خطيبته كانت تخالط الشباب في الماضي ( تخالط فقط ولم تزن) فرد عليه شيخكم الفاضل بأن يبحث عن زوجة صالحة وأنه لا يجوز له الزواج به إلا بعد التأكد من توبتها بطريقة تنفره منها نهائيا أما عندما ذكر أنه وقع في الفاحشة مع أخرى طلب منه التوبة أنا بصدق لم أقرأ اسم هذا الشيخ الذي رد عليه ولكن ألم يسأل نفسه ماذا سيحل بهذه الفتاة بعد أن يتركها خطيبها ؟ أو ليس الأصح أن يأخذ بيدها ويعينها على التوبة ثم يتزوجها بدلا أن يبحث عن أخرى ؟ ومن أدراه أن هذه الصالحة كانت صالحة دوما ؟ ما يدرينا لعل خطيبته هذه تصبح من أصلح الصالحات إن أعانها أو أفجر الفاجرات إن تركها ، صدقوني إني أتحدث بلسانها فقد كنت متحررة بعض الشيء إلا أن أرسل الله لي خطيبا صالحا الله يرضى عليه ولست أتخيل نفسي ماذا سيحل بي لو قرأ مقال شيخكم هذا وتركني مثلها آمل من كل قلبي أن أجد ردا على رسالتي .

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق


الحمد لله
أولا :
نحمد الله تعالى أن وفقك لطاعته ، وأرسل لك هذا الخاطب الصالح ، ونسأله سبحانه أن يتمّ لك الخير ، وأن يرزقكما السعادة والهناء والمزيد من التوفيق والتسديد .
وأما الجواب السابق ففيه مسألتان :
الأولى : اشتراط التوبة للزواج من هذه الفتاة التي كانت تعيش كالفتاة الغربية ، وتلبس الملابس الخليعة ، وتدخن .. وتجلس مع الشباب .. وتذهب معهم إلى بيوتهم ، وتعشق أحدهم إلى الجنون ، وتزعم مع ذلك أنها لم تزن . ولا غرابة في اشتراط التوبة ؛ لأنه لا يجوز للمسلم أن يقر أهله على الفجور ، فإن تابت وصلح حالها فلا حرج في الزواج منها .
المسألة الثانية : نصحه بالبحث عن فتاة صالحة ، بما يعني تزهيده في هذه الفتاة ، وهذا راجع إلى ما ذكره السائل من أنه بدأ يكرهها ، ويشك في صدقها ، ولا خير في الحياة الزوجية التي تبنى على الشك ، فلو أن هذا السائل لم يشر إلى مسألة الشك هذه ، لناسب أن يقتصر في الجواب على المسألة الأولى وهي اشتراط توبتها .
وأنت تسألين عن حالها لو تركها وأعرض عن خطبتها ، ونحن نقول : كيف لو أحبته وتزوجته وتعلقت به ، ثم بدأ الشك يدب إلى قلبه ، ويتذكر ما أخبرته به من ذهابها إلى بيوت الشباب وتدخينها واستهتارها وتعلقها بذلك الرجل ، فلم يجد بدا من طلاقها ، كيف سيكون حالها ؟
ومسألة البكارة ليست دليلا على عدم وقوع الزنا أو مقدماته على الأقل ، ولهذا لا يلام مثل هذا السائل فيما يعرض له من الشك والظن .
ومثل هذا يكون عدم الزواج له من هذه الفتاة أولى .
وهناك حالات أخرى ، يقتنع فيها الرجل بما آل إليه حال المرأة من الصلاح والخير ، ويعرض عن التفكير في ماضيها ، حتى مع الافتراض أو الجزم بأنها مرت بأسوأ الأحوال ، فيقدم على الزواج منها ، راجيا الثواب من الله تعالى في سترها وتحصينها وحمايتها ، مدركا أنها إن زلت فقد زل مثلها ، وإن عصت فقد كان عاصيا كذلك ، فمثل هذا الراغب المقدم يقال له تزوج من الفتاة وأحسن إليها ، وابتغ الأجر من الله تعالى .

والمقصود أن من استُنصح فعليه أن ينصح بما يراه صوابا مناسبا للحال والمقام ، فقد تكون النصيحة نافعة لزيدٍ دون عمرو ، وقد يُنصح اثنان في مسألة واحدة بأمرين مختلفين ، على حسب حال كل ٍّ منهما .

ولو طبقتِ الأمر على نفسك لأدركت صحة هذا الكلام ، فلو أن أخاك استشارك في الزواج من مثل تلك الفتاة ، مع شكه في صدقها ، ودخول الوسوسة إلى قلبه بشأنها ، لما أشرت عليه بالزواج منها ؛ إذ في غيرها من الصالحات العفيفات غنى وكفاية .
وكذلك لو تقدم إليك شاب علمت بأنه كان يخالط النساء ويبيت معهن ويعيش حياة الاستهتار والمجون ، فإن أغلب الظن أنك سترفضينه ، ما لم يقع في قلبك التسليم بأنه صادق في توبته ورجعته ، وإلا فمع الشك ، لا يؤمن أن يعود لماضيه وإثمه بعد الزواج .

وأما كون الصالحة قد تكون على خلاف ما يُرى منها ، فإن هذا مما لا سبيل إلى معرفته ، والعبرة بالظاهر ، مع اعتماد حسن الظن بسائر المسلمات .

ومن أخبر عن نفسه أنه وقع في الحرام ، فإنه يجاب بدعوته إلى التوبة والإنابة والاستغفار ، والستر على نفسه ، سواء كان رجلا أو امرأة .
فلو جاء السؤال من تلك الفتاة المستهترة ، لكان جوابها هو دعوتها للتوبة والإكثار من الصالحات ، وعدم إخبار خاطبها بماضيها مهما ألح في السؤال ، فلكل مقام مقال .

وينظر جواب السؤال رقم (84038) .
والله أعلم .